نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سيناريو الفوضى يفرض نفسه بقوة مع سيطرة المسلحين على حكم دمشق, اليوم السبت 14 ديسمبر 2024 05:03 مساءً
اليوم التالى فى سوريا
سيناريو الفوضى يفرض نفسه بقوة مع سيطرة المسلحين على حكم دمشق.. والحكومة الانتقالية لن تضمن للسوريين حياة «آمنة»
إسرائيل تستغل الأحداث السورية وتستولى على المنطقة العازلة.. ونتنياهو: هضبة الجولان ستظل إسرائيلية إلى الأبد
الأسد «قارئ» فاشل للتاريخ والأحداث.. وعاش معزولا متوهما القوة والسيطرة.. تبييض تاريخ أبو محمد الجولانى لن يلغى ماضيه الأسود
كان العالم كله مشغولا باليوم التالى فى قطاع غزة، على أنقاض العدوان الإسرائيلى، الذى دام لأكثر من ١٤ شهرا حتى الآن ومستمر، ومع تصاعد وتيرة الأحداث بحرب إقليمية مفتوحة، وانشغال الجميع بما يحدث فى غزة ولبنان وإيران، سقط نظام بشار الأسد فى سوريا، ليتحول الحديث إلى اليوم التالى فى سوريا.
يوم ٢٧ نوفمبر الماضى، بدأ تحرك الميليشيات المسلحة من حلب وغيرها، وفى ٨ ديسمبر سقط النظام، بما يعنى أن عشرة أيام فقط كانت فاصلة، استطاعت خلالها هذه الميليشيات أن تحقق ما لم تستطع تحقيقه فى ١٣ عاما، بما يوحى أن هناك متغيرات طرأت بنفسها على المشهد السورى، تغيرات أغلبها إقليمية.
الواقع يؤكد أن الأسد، لم يقرأ الأحداث الإقليمية طيلة العام الماضى، قراءة صحيحة، واستمر فى تصوراته الراهية، دون إدراك أن الدائرة تقترب منه، والخناق يشتد حوله، فلم يكن اغتيال حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله، سوى مقدمة لم يدرسها الأسد جيدا، فالحزب كان حليفا قويا ومساندا بشدة لنظام الأسد، واغتيال أمينه العام، ومعه قيادات أخرى، كان مؤشرا أن الأسد يقترب إلى أن يكون وحيدا.
زاد على ذلك التماهى الإيرانى مع التغيرات الجديدة فى المنطقة وظهورها فى مشهد الوهن أمام التهديدات، بل الوصول العسكرى الإسرائيلى إلى قلب طهران، سواء لاغتيال إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسى لحركة حماس أو استهداف مقارات عسكرية إيرانية.
كل هذا لم يقرأه الأسد جيدا، بل من تابع كلماته أمام القمة العربية، ومن بعدها القمة العربية الإسلامية فى الرياض، كان يستطيع بأقل تفكير استنتاج أن الأسد، يعيش فى عالم معزول، ولا يدرك ما يجرى حوله، فهو كان يتحدث بصفة الواعظ، رغم أنه كان فى حاجة لتطبيق عظاته على نفسه قبل غيره.
وربما زاد من ذلك، أن الأسد فى عالمه المعزول، توصل إلى قناعة لا تستند لواقع على الأرض، أن الدعوة التركية، لتطبيع العلاقات بين البلدين، هى تعبير عن ضعف تركى، وقد يكون ذلك فعلا موجود بسبب أوضاع تركيا الداخلية وأزماتها الإقليمية، لكن رفض الأسد لهذه الدعوة، كانت مقدمة لإدراك أنه لا يعى شيئا مما يحدث حوله، وفى داخل سوريا.
كما أن روسيا المشغولة بالوضع فى أوكرانيا، وتمديد سيطرتها فى أفريقيا، كانت تدرك أن الشرق الأوسط مقبل على تغيرات عميقة، ومع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإنها مستعدة للتفاوض، ليكون لها تواجد فى ظل هذه التغيرات المتسارعة.
كل هذا لم يدركه الأسد، وزاد عليه، أنه توصل إلى قناعة أن الأمور فى الداخل، تسير لصالحه، فلا حاجة لإحداث تغيرات سياسية، حتى وأن كانت شكلية.
الآن وبعد ما حدث فى ٨ ديسمبر، يبقى السؤال الدائر، ماذا بعد؟، ما شكل سوريا غدا؟.
لا يمكن بالطبع التوصل إلى صيغة للشكل، الذى ستكون عليه سوريا، لكن المقدمات، تنبئ أن الفوضى ستكون هى السيناريو الأرجح، حتى وأن كانت الحكومة السورية، قررت البقاء، لتسيير الأمور، وتسليم السلطة، لكن لمن ستسلمها، هل ستقبل هذه الميليشيات، التى سيطرت على الأرض، أن تجرى انتخابات بعد الفترة الانتقالية، التى يتحدثون عنها، وما مصير الأقليات السورية، مثل الأكراد والمسيحيين وغيرهما.
ما يجرى اليوم فى سوريا خطير، وفتح أبواب جهنم على هذا البلد المهم فى الخريطة الإقليمية، ويكفى هنا الإشارة إلى ما قامت به إسرائيل من احتلال لجبل الشيخ، بعد انسحاب قوات الجيش السورى، وهو ما يؤكد أن تل أبيب كانت على علم بما سيحدث، وكانت جاهزة.
لم تكتف إسرائيل بذلك، بل قالت على لسان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو، إن هضبة الجولان السورية المحتلة، التى تطل على هضاب الجليل وبحيرة طبريا، ستظل «إسرائيلية إلى الأبد»، واستولت كذلك على المنطقة العازلة مع سوريا، والمواقع القيادية المجاورة لها.
أبو محمد الجولانى، أو أحمد الشرع، الذى جرت له عملية تبييض إعلامية طيلة الفترة الماضية، هو القابض الآن على السلطة فى سوريا، وتاريخه وسوابقه، تكفى لمعرفة المستقبل، حتى وأن حاول بلهجة دبلوماسية إرسال إشارات طمأنة للداخل والخارج، لكن يبقى التاريخ حاكما لما سيكون عليه المستقبل، فشخص انخرط لسنوات طويلة، ضمن جماعات إرهابية، لا تعرف سوى لغة السلاح، والقتل، والدمار، لا يمكن استئمانه على مصير دولة وشعب، حتى من يقول إن تجربة طالبان فى أفغانستان قابلة للتكرار فى سوريا حاليا، فهؤلاء لا يدركون جيدا ما تفعله طالبان فى أفغانستان، حتى فى ظل رفع هذه الحركة لشعارات أقرب لقبول الآخر والحوار وغيرها، لكن تبقى الرغبة فى السيطرة إلى مالا نهاية هى الحاكمة.
من تجربة حكم الإسلاميين أو المتأسلمين فى المنطقة، يمكن القول إن الجولانى أو الشرع، لن يخرج عن هذا النسق، تسلق إلى السلطة عبر سلم السلاح، ولن ينزل من على السلم إلا بالسلاح، فلا انتخابات قادرة على زحزحته، إن ذهب إليها، ولن تكون هناك ضغوط دولية أو إقليمية عليه، لأنه من الواضح، أن هناك أطرافا كثيرة سعيدة بما يحدث فى سوريا الآن.
سيناريو الفوضى، الذى بدأ منذ خروج الأسد هاربا إلى موسكو، كان وسيظل حاضرا، خاصة أننا لا نعرف إلى الآن مصير الجيش السورى، وموقفه أيضا، فهو انسحب من كل مواقعه فى ظروف غريبة، ولا نعرف أن كان هناك اتفاق سابق لذلك أم لا.
الخروج من هذا السيناريو، مرهون بأمرين: الأول، عودة قوية للجيش السورى، وسيطرته على الأوضاع، وهنا لا أعنى الصراع مع هذه الميليشيات، وإنما أن يكون على رأس المتحكمين فى الفترة الانتقالية، والثانى، أن يكون هناك توافق دولى وإقليمى على مستقبل سوريا، حتى لا يكون مصيرها التقسيم، وكأنها كعكة، يحصل منها كل طرف على ما يريده.
نعم هناك حكومة انتقالية، جرى تشكيلها برئاسة محمد البشير، المعروف بتوجهاته الإخوانية، لكن هذا التشكيل، لا يضمن للسوريين، أن مستقبلهم سيكون آمنا، لأن «الجولانى» أو «الشرع»، هو القابض على السلطة، ولا أحد يعرف إلى أين سيتحرك.
من سوريا، يزداد الوضع الإقليمى توترا، أو كما يسميه البعض، هندسة جديدة للمشهد الإقليمى، بدأت فى السابع من أكتوبر ٢٠٢٤، بطوفان الأقصى، وما ترتب على ذلك من ترتيبات جديدة، فهناك أطراف دولية وإقليمية تحاول فرض سيناريوهات تخصها، وتحقق أهدافها فى الشرق الأوسط المنهك بالصراعات، فما يحدث فى غزة، ومن بعدها لبنان، والتغيير الدراماتكى فى سوريا، يؤكد هذا السيناريو، الذى تم رسمه للمنطقة بدقة، ويتم تنفيذه بسواعد أقليمية.
0 تعليق