نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"وحدي" مونودرام من أداء أسامة كشكار وإخراج وليد دغسني تستكشف مأساة الإنسان المعاصر, اليوم الجمعة 27 ديسمبر 2024 12:55 مساءً
نشر في باب نات يوم 27 - 12 - 2024
في عمل مونودرامي جديد بعنوان "وحدي" من إنتاج "شركة كلاندستينو للإنتاج المسرحي"، يضع المخرج وليد دغسني والممثل المبدع أسامة كشكار المشاهدين أمام جملة من الاستفهامات التي تختزل صراعات الذات البشرية وتعكس أحوال الفرد في واقع يتسم بالتقلبات، فكان هذا العرض ترجمة فنية ومضمونية للعنوان "وحدي" الذي يكشف عن جوهر القصة والشخصية الي تعيش صراعا داخليا عميقا وتحاول التغلب على مشاعر الوحدة والعزلة.
وتمّ تقديم العرض الأول لمونودرام "وحدي"، مساء الخميس بقاعة الريو بالعاصمة. وتدور الأحداث لنحو 60 دقيقة حول شاب يعمل سائق شاحنة معدة لتهريب البضائع بعد فترة طويلة من البطالة، فيجد نفسه ممزّقا بين الانضباط للقانون ممثلا في الأجهزة الأمنية والعسكرية للدولة وبين التعاون مع الجماعات الإرهابية، وبين نقل البضائع والممنوعات، ليجد نفسه أخيرا في صراع داخلي طاحن بين ذاكرة لا تكف عن العودة إلى ماض مليء بالجراح وحاضر يبدو خاويا من المعنى.
...
ولترجمة حالات الضياع والحيرة والصراع الداخلي والخارجي للشخصية، اعتمد المخرج وليد دغسني على الإضاءة والفراغ المسرحي كميزتيْن فنيتيْن في هذا العرض، لإبراز التناقضات التي يعيشها البطل. وقد خيّمت على العرض الظلال الداكنة المنتشرة على المسرح وهي انعكاس لحالة اللا يقين التي تهيمن على حياة البطل، بينما تركزت الإضاءة على وجهه أو جسده في مواقف معينة لتسليط الضوء على الصراعات الداخلية للشخصية. كما ترجمت انحسار الإضاءة في مكان محدود حالة السجن والانغلاق والعزلة لهذه الشخصية.
ويحمل العمل في مشاهده ومواقفه العديد من الرموز التي ساعدت المتفرج في فهم أحداث العمل والكشف عن بواطن الشخصية، فالظلام الذي غمر الركح كان بمثابة اللاوعي والجراح المخفية التي حاول البطل مواجهتها. بينما بدت الإضاءة المسلطة على البطل في لحظات محددة ترجمة للبحث عن أمل أو محاولة لإيجاد بصيص من الفهم وسط الضبابية التي تحيط بحياته. وهذا التباين بين النور والظلام عزّز من حالة الانقسام والتشظي في الشخصية التي مازال شبح الماضي يلاحقها ولم يأب النسيان.
أما الخاصية الفنية الثانية فتتمثل في الملابس المعلقة وهي رمز للماضي، وقد حاول أسامة كشكار التخلص من أعبائها مع نهاية العرض فتناثرت على الركح وبدت كأجسام مبعثرة أو أشلاء هوية لم تكتمل. وقد ساهمت هذه العناصر في إبراز حالة التشتت التي يعيشها البطل بين أطياف الماضي وأحلامه المجهضة.
ويعتبر اختيار المونودرام كشكل فني لإيصال الرسالة المسرحي، توظيف ذكي ومقصود لأنه يعكس الوحدة التي يعاني منها البطل على المستويين الداخلي والخارجي، إذ بوجود ممثل واحد على الركح يصبح أسامة كشكار/الممثل المسؤول الوحيد عن إيصال ثقل النص وتحولاته النفسية. وقد نجح كشكار في استثمار أدواته التمثيلية بمهارة، مستعينا بلغة الجسد ونبرات الصوت للتعبير عن التحولات العاطفية والوجدانية للشخصية.
وحاول المخرج إضفاء بعد فلسفي على التجربة الإنسانية، حيث يتشابك الماضي مع الحاضر في رحلة شاقة نحو استكشاف الذات وكنهها. فجاء العرض محمّلا بتساؤلات مفتوحة حول كيفية التعايش مع الانكسارات الشخصية في ظل واقع اجتماعي يعيش تحولات جذرية.
ويسلط الضوء على الصراعات التي تواجه الإنسان المعاصر في عالم يبدو فيه الحاضر مشوشا والماضي طاغيا والمستقبل ضبابي. ووسط هذه العتمة، فإن العرض هو رسالة لمواجهة الألم الداخلي والتصالح مع الذات ودعوة للبحث عن أفق جديد للحياة حتى وسط أصعب الظروف وأحلكها.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار
.
0 تعليق