حرائق لوس أنجلوس ستنطفئ في النهاية لكن الخسائر ستظل «باقية»

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حرائق لوس أنجلوس ستنطفئ في النهاية لكن الخسائر ستظل «باقية», اليوم الاثنين 13 يناير 2025 02:19 صباحاً

مشيت أنا وابنة أختي إلى نهاية رصيف «فينيس» في مدينة لوس أنجلوس، الثلاثاء الماضي، لمشاهدة ألسنة اللهب البرتقالية اللامعة وهي تزحف إلى أعلى جبال «سانتا مونيكا» في منطقة «باسيفيك باليساديس»، وكانت سحب الدخان تلوح في الأفق فوق المحيط، بينما تدفعها الرياح العاتية بعيداً عن الشاطئ، وتنثر الرمال في وجوهنا.

توجهت في رحلة، الخميس الماضي، بالسيارة إلى «باليساديس»، برفقة صديقي كريس كوتي، الذي يمتلك منزلاً متواضعاً بالقرب من المنحدرات المطلة على المحيط، حيث نشأ أطفاله هناك، ولكنه يؤجر هذا المنزل الآن لزوجين لديهما ثلاث فتيات صغيرات.

ومنعت السلطات الدخول إلى المناطق المنكوبة عند نقاط التفتيش على طول شارع «صن ست بوليفارد»، ولم يُسمح إلا لوسائل الإعلام المعتمدة ومركبات الطوارئ وشاحنات العمل بالمرور، ومررنا أنا وكريس عبر صفين من الشرطة، قبل أن يرفض ضابط صارم في شارع «ألينفورد» السماح لكريس بالمرور.

تركته بجوار مدرسة «بول ريفير تشارتر» المتوسطة، وواصلت المشي على طول منحنيات شارع «صن ست»، وهو القلب التجاري لمدينة «باسيفيك باليساديس»، وبدت أجزاء من الشارع الشهير وكأنها تعرضت لحالة من التدمير، وخرجت على هذا الحال في أعقاب قصف بقنابل حارقة.

الشوارع خالية

كانت الشوارع خالية من أي مارة في الغالب، باستثناء عدد من المركبات الرسمية، وتناثرت الأسلاك الكهربائية والأشجار المحترقة والمتهاوية على الطرق، وقام عدد قليل من السكان بمسح الأضرار هنا وهناك، وتجول الفتيان المراهقون في الشوارع على دراجات صغيرة.

وبدا التناقض صارخاً بين الحريق الذي اجتاح المدينة قبل يومين، والهدوء الذي خلفه، فالحريق عبارة عن لهب برتقالي، وجمر متطاير، وحرارة، ودخان، ورعب، ولكن ما أعقبه كان هادئاً وكئيباً، فالأدرينالين يفسح المجال للحزن الشديد والخسارة والكآبة.

كانت النيران التي دفعتها الرياح التي وصلت سرعتها إلى نحو 100 ميل بالساعة، غير عقلانية، حيث اتخذت خيارات غير منطقية حول ما يجب تدميره وما يجب تجنبه، ولكن النتيجة كانت مهولة، وبدا أن بعض المباني والمنازل لم يمسه أحد، وكأنها محمية بأجنحة ملاك، وتبخرت مباني ومنازل أخرى ببساطة في الجحيم.

وأصبح الكثير من مناطق «باليساديس» التي كانت نابضة بالحياة وخضراء ذات يوم، أحادية اللون الآن، وكأن المنظر مأخوذ من حكاية خيالية، وترتفع المداخن المصنوعة من الطوب، من بين الأنقاض، وهي واحدة من العلامات القليلة التي تشير إلى أن المنازل كانت تصطف على جانبي شوارع هذه الضواحي التي تحولت الآن إلى جحيم.

الظلام على كل شيء

انعطفت يساراً من منطقة «صن سيت» إلى «فيا دي لا باز»، ومررت بمتاجر بعضها مدمر، وبعضها الآخر مثل بناء مبني من الطوب المقاوم لايزال سليماً، ركنت سيارتي في شارع «نورث بيروت»، وهو شارع مكون من ثلاثة شوارع، وينتهي عند «فيا دي لاس أولاس»، الطريق المتعرج الذي يمتد على طول المنحدرات فوق طريق ساحل المحيط الهادئ، عادة من هذا المكان، يكون منظر خليج «سانتا مونيكا» مثالياً كما لو كان على بطاقة بريدية، لكن في هذا اليوم، ومع استمرار الحرائق في داخل المدينة، خيّم ضباب كثيف على المنظر، فأظلم كل شيء.

عندما خرجت من سيارتي، استنشقت الرائحة الحادة اللاذعة مثل نار تهب في وجهي، وتناثر الرماد في الهواء مثل رقاقات ثلج لكنها سامة، وارتفعت خيوط من الدخان من أكوام من الأنقاض المتفحمة، وكان الدمار هائلاً، كتبت هذه الكلمات صباح يوم الجمعة الماضية، ولاتزال الحرائق الأربعة الكبرى التي تحيط بلوس أنجلوس مشتعلة، فقد لقي ما لا يقل عن 10 أشخاص مصرعهم، ودُمر ما يقدر بنحو 10 آلاف مبنى، وبلغت الأضرار المليارات، وتم نشر الحرس الوطني لحماية الأحياء التي تم إخلاؤها من اللصوص.

ونزح الآلاف من الناس، ولكل منهم قصته المفجعة، عن ديارهم، وأغلقت المدارس، وأخبرتني صديقتي، جان دي لونج، التي تعلم تلاميذ الصف الأول في مدرسة «باليساديس» التي احترقت، أن أحد طلابها، الذي فقدت أسرته منزلها، كان منزعجاً بشكل خاص من فقدانه لألعابه.

موسم حرائق

وبالفعل ستجبرنا هذه الكارثة على إجراء حسابات مدنية، بدأت في واقع الأمر منذ الآن، ولم يعد لدينا موسم حرائق في وقت محدد، بل بات لدينا حرائق متوقعة طوال العام، ويمكنك أن تسميها تغير المناخ أو التظاهر بأنها شيء آخر، لا يهم، إذ إن عالمنا أصبح أكثر حرارة، وأنماط الطقس أكثر تطرفاً، ولا شيء من هذا يشكل خبراً جيداً لولاية كاليفورنيا، التي تتأرجح بين سنوات الأمطار والجفاف الذي ضرب الولاية لسنوات عدة متوالية، وأثر على الكثير من النباتات والمحاصيل والحياة برمتها.

وأدت ظروف الجفاف الشديد، إلى جانب بعض أشد رياح «سانتا آنا» التي رأيناها على الإطلاق، إلى هذا الدمار، وجفت صنابير المياه، وأصبح رجال الإطفاء منهكين.

وبدأ توجيه أصابع الاتهام السياسية في الوقت المناسب، هل يهم حقاً أن عمدة المدينة، كارين باس لم تكن في لوس أنجلوس في اليوم الذي اندلع فيه الحريق؟ وكانت على اتصال دائم بالموظفين ومسؤولي الإطفاء، وهو أمر شائع تماماً في عصرنا المفرط في الاتصال، وقلصت «باس» ميزانية الإطفاء في العام الماضي بشكل كبير.

وألقى الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، الذي لا يفوت الفرصة أبداً، باللوم على خصمة الديمقراطي حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين يوسوم، لفشله في تحويل ما يكفي من المياه، من شمال كاليفورنيا إلى الجنوب، وهو سوء إدارة لنظام المياه في الولاية.

وألقى السياسيون المحافظون باللوم بطبيعة الحال على تدابير «التنوع والمساواة والدمج» في المدينة، ولكن إدارة الإطفاء، بوظائفها ذات الأجور المرتفعة ومزايا التقاعد السخية للغاية، كانت تحت ضغط لتنويع صفوفها الذكورية البيضاء الساحقة لعقود من الزمن، وهذا صحيح.

وللمرة الأولى في تاريخنا، أصبحت رئيسة إطفاء المدينة امرأة، ما أثار غضب حشود «اجعلوا أميركا عظيمة من جديد» إلى حد كبير، وتنفذ الكلمات في الحديث عن الملياردير وعضو فريق ترامب في الحكم، إيلون ماسك، الذي كتب على منصته «إكس»، الأربعاء الماضي، يقول: «التنوع، والمساواة والدمج يعني موت الناس».

وفي الوقت ذاته، في «باسيفيك باليساديس»، توصلت أخيراً إلى معرفة المنزل الذي كان يخص صديقي كريس، وكل ما بقي قائماً منه هو «المدخنة» و«درابزين» الشرفة الحديدي، وأشياء غير معروفة، بعد تعرضه للحريق على نحو كبير.

وبينما كنت أقود سيارتي في طريق العودة على طول شارع «تشاتوكوا»، رأيت شاباً يمشي باتجاه الشاطئ، وهو يحمل كرة قدم منكمشة، انتشلها من الرماد، ولم أستطع إلا أن أتخيل ما فقده. *روبن أبكاريان    *كاتبة رأي في صحيفة «لوس أنجلوس تايمز»    عن «لوس أنجلوس تايمز»

. ترامب ألقى باللوم على حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين يوسوم، لفشله في تحويل المياه من شمال كاليفورنيا إلى الجنوب.

. ظروف الجفاف الشديد، إلى جانب الرياح، أدت إلى هذا الدمار، وجفت صنابير المياه، وأصبح رجال الإطفاء منهكين.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق