تواجه بريطانيا تحديات اقتصادية كبيرة في ظل ارتفاع الدين العام الذي بلغ مستويات غير مسبوقة في السنوات الأخيرة، حيث تجاوزت أرقام الدين الحكومي نسبة إجمالي الناتج المحلي البريطاني، مما يضع ضغوطًا إضافية على الحكومة. 

فى هذا السياق، قال الدكتور عبدالوهاب بن سعيد القحطاني، أستاذ الإدارة الاستراتيجية في جامعة اليمامة بالمملكة العربية السعودية، في تصريح خاص لموقع "تحيا مصر"، إن بريطانيا تعاني من أزمات اقتصادية متتالية على مدار أكثر من عقدين، حيث وصل الدين الحكومي إلى حوالي 85.23 مليار دولار في الأشهر الخمسة الأولى من السنة المالية 2024-2025، وهو ما يزيد بحوالي 8 مليارات دولار عن التوقعات السابقة. هذه الزيادة تمثل تحديًا كبيرًا للحكومة البريطانية، إذ تجاوز الدين العام إجمالي الناتج المحلي البريطاني، مما يعوق النمو الاقتصادي بشكل خطير إذا استمرت هذه الزيادة في التنامي.

أسباب الزيادة في الدين العام البريطاني

وأوضح الدكتور القحطاني أن زيادة الدين العام في بريطانيا ترجع إلى عدة أسباب رئيسية، أبرزها الإنفاق الحكومي الكبير في مجالات مثل الصحة والتعليم، وكذلك دعم الأسر المحتاجة وتكاليف المعيشة، بالإضافة إلى الدعم المستمر لاقتصاد البلاد في مواجهة الأزمات مثل جائحة كورونا (كوفيد-19) والحرب الروسية على أوكرانيا.

كما أن الحكومة البريطانية قد أقترضت بشكل كبير من المؤسسات المالية والدول الأخرى خلال أزمة كورونا لدعم الشركات المتضررة من الجائحة، فضلاً عن مساعدة الموظفين الذين فقدوا وظائفهم بسببها.
وأضاف القحطاني أن التضخم المالي كان له دور كبير في التأثير على الاقتصاد البريطاني، حيث أدى إلى زيادة خدمة الدين العام وضعف قوة الجنيه الإسترليني، مما جعل تكلفة القروض أكثر ارتفاعًا وأدى إلى تباطؤ النمو الاقتصادي.

تأثيرات "بريكست" والحرب الروسية الأوكرانية

وأشار الدكتور القحطاني إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) كان له تأثير سلبي كبير على الاقتصاد البريطاني، حيث واجهت بريطانيا صعوبات في التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي، مما أسهم في تراجع الإنتاجية. كما أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة عالميًا، مما زاد من تكلفة دعم الطاقة للأسر والشركات في بريطانيا، وأدى إلى تزايد الضغوط على الميزانية الحكومية.

التحديات المستقبلية

وأكد القحطاني أن زيادة الدين العام البريطاني تعني تخصيص نسبة أكبر من الميزانية لسداد الفوائد عليه، مما يقلل من الموارد المتاحة للإنفاق العام على القطاعات الحيوية الأخرى. 

كما أن احتمالية تقليل تصنيف الائتمان البريطاني ستؤدي إلى زيادة تكلفة الاقتراض، مما يزيد من التحديات الاقتصادية أمام الحكومة.

الحاجة إلى إصلاحات مالية

وفي الختام، شدد الدكتور القحطاني على ضرورة أن تقوم الحكومة البريطانية بتنفيذ إصلاحات مالية جذرية تهدف إلى تقليل العجز المالي وتعزيز النمو الاقتصادي المستدام. لتحقيق الاستدامة المالية في بريطانيا، مشيرا إلى ضرورة أن تعمل الحكومة على تحسين كفاءة الإنفاق العام وتوجيهه إلى القطاعات الأكثر تأثيرًا على الاقتصاد، بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار وتنويع مصادر الإيرادات.