نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حسابات الربح والخسارة, اليوم الثلاثاء 21 يناير 2025 11:08 صباحاً
انجلت غبار معركتين في جبهتين متواصلتين، رغم كل ما قيل ويقال عن فك الترابط والتكامل بين جبهات المحور كافة. جبهة لبنان التي شهدت حرباً لم تشبهها أي حروب سابقة من حيث قسوتها وكثرة تدميرها وضحاياها، وجبهة غزة التي شابهت لبنان في كل شيء، من نزف في الأرواح ودمار كبير، إلى مشاهد سوداوية صبغتها إسرائيل ومعها كثير من الغرب وأميركا.
انتهت جبهة لبنان بعد ما يزيد على الشهرين بقليل، وجبهة غزة بعد أقل من ٥٠٠ يوم، تاركة في كلا الجبهتين دروساً، عبراتٍ وعِبراً، أدركت معانيها أكثر ما أدركتها أميركا وإسرائيل.
ما إن هدأت نيران جبهة لبنان، وبدأت جبهة غزة تسير نحو الهدوء بعد أقل من شهرين، حتى انهالت التحليلات السياسية والعسكرية التي تحدثت عن معادلات جديدة خلّفتها تلك الحروب. تناولت هذه التحليلات انهيار محور صنعته إسرائيل، مستذكرة خطاب نتنياهو الشهير في الأمم المتحدة، الذي تحدث فيه عن ولادة شرق أوسط جديد وتغيير خرائط، من لبنان إلى فلسطين مروراً بسوريا واليمن، دون إغفال إيران والعراق.
القارئ المتعمق في صفحات الأحداث ومجرياتها، بتمعن وحيادية وربط لما جرى وما يجري، قد يستنكر ما يُطرح من اجتهادات سطحية. حقاً، لا بد من الشفقة على بعض العقول الصغيرة والاستهزاء بما وصلت إليه تحليلاتها من سذاجة.
قد يسأل البعض، بحسن أو بسوء نية: كيف يمكن التفاؤل بعد كل هذا الدمار والقتل والتهجير؟ أليست هذه مؤشرات واضحة على انتصار إسرائيل في وجه الجبهات السبع التي تحدث عنها نتنياهو؟ ألم تثبت مجريات الأمور وتبدل بعض الأنظمة التي كانت تُعتبر من ركائز محور المقاومة، كسوريا، هذا الانتصار؟
لكن الحقيقة لا تحتاج إلى كثير من التعقيد. في علوم العسكر والانتصارات، لا تُقاس النتائج بحجم الدمار وعدد الضحايا فقط، بل بمدى تحقيق الأهداف المرسومة. وهنا يبرز النقاش ويتضح الخيط الفاصل بين المنتصر والمهزوم.
منذ ما يزيد على السنة، حينما بدأ “الطوفان” بعملية نوعية خلّفت أعداداً غير مسبوقة من القتلى والجرحى والأسرى في صفوف إسرائيل، ظهرت معالم تغير كبير. أعلن حينها أن الأسرى لن يعودوا إلا بتبادل عبر تفاوض غير مباشر. ومنذ ذلك الحين، توالت الأحداث: توحش إسرائيلي، إسناد غربي وعربي، وتكافل صريح من محور المقاومة لدعم غزة وتثبيت حقها في استعادة أسراها.
الجبهات اشتعلت، والفاتورة كانت باهظة. قدمت المقاومة الكثير من الشهداء والجرحى والتضحيات، ناهيك عن فقدان قادة بارزين كان استشهادهم وقوداً لهذا المسار. ورغم هذه الخسائر، استمر المحور متماسكاً وقادراً على مجابهة التحديات.
أما بالنسبة لتبدل بعض الأنظمة واتهامها بالتطبيع أو الحياد، فإن القراءة الدقيقة للأحداث تُظهر أن خطوط إمداد المقاومة عبر سوريا لم تنقطع، رغم الضربات الإسرائيلية المتكررة.
خلاصة الحسابات واضحة: منذ انطلاق “الطوفان” في غزة ولبنان، كان الهدف الأساسي هو تحرير الأسرى. وها هي النتيجة تؤكد أن هذا الهدف تحقق عبر الطريق الذي رسمه القادة، دون أي تنازل.
النتيجة النهائية تُثبت أن الانتصار كان في الثبات، رغم كل التحديات والخسائر. كما قال سيد المقاومة: “ولى زمن الهزائم، وبدأ زمن الانتصارات.”
المصدر: بريد الموقع
0 تعليق