تقدمت الحكومة البنمية بشكوى رسمية إلى الأمم المتحدة، استنكرت فيها تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاستيلاء على قناة بنما، كما أمرت بإجراء تدقيق شامل في عمل شركة مرتبطة بهونغ كونغ تدير ميناءين رئيسيين على الممر المائي الحيوي.

رسالة إلى الأمم المتحدة

أشارت الرسالة البنمية الموجهة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى مادة من ميثاق الأمم المتحدة تمنع على أي دولة عضو "التهديد باستخدام القوة أو استخدامها" ضد سلامة أراضي دولة أخرى أو استقلالها السياسي. وطالبت الرسالة الأمين العام بإحالة القضية إلى مجلس الأمن الدولي، لكنها لم تطلب عقد اجتماع رسمي.

اتهامات ترامب

خلال خطاب تنصيبه، أعاد ترامب توجيه اتهاماته بأن الصين تسيطر على قناة بنما عبر وجودها المتزايد حول الممر المائي. وأكد قائلاً: "لم نسلمها للصين، بل سلمناها لبنما، وسنستعيدها".

تدقيق في شركة موانئ بنما

أعلن مكتب المراقب المالي البنمي عن إجراء تحقيق شامل في شركة "موانئ بنما"، التي تدير ميناءي بالبوا وكريستوبال على طرفي القناة. الشركة تتبع لمجموعة "سي كيه هاتشيسون هولدينج" في هونغ كونغ. ويهدف التحقيق إلى التحقق من امتثال الشركة لاتفاقيات الامتياز، بما في ذلك التقارير المالية والمساهمات للدولة البنمية.

رد الحكومة البنمية

أكد الرئيس البنمي خوسيه راوول مولينو على استقلالية قناة بنما ومبدأ الحياد الذي تعمل به، مشددًا على أن القناة مملوكة لبنما وستظل كذلك. وقال مولينو ردًا على تصريحات ترامب: "القناة هي ملك لبنما وستبقى كذلك".

خلفية القضية

تأتي هذه التوترات في ظل حساسية قناة بنما التي سلمتها الولايات المتحدة إلى بنما في نهاية عام 1999. وتعتبر القناة محورًا استراتيجيًا للتجارة العالمية، مما يجعل أي تصريحات أو تحركات بشأنها محط اهتمام دولي.

قناة بنما شيدتها الولايات المتحدة

يُذكر أن قناة بنما، التي شيدتها الولايات المتحدة وتم افتتاحها عام 1914، انتقلت إدارتها بالكامل إلى بنما في 31 ديسمبر 1999، وذلك بموجب معاهدات توريخوس-كارتر التي وُقّعت عام 1977 بين الرئيس الأمريكي آنذاك جيمي كارتر ونظيره البنمي عمر توريخوس. هذه المعاهدات كانت نتاج سنوات من المفاوضات والنضال البنمي من أجل استعادة السيطرة على القناة، التي تُعتبر رمزًا للسيادة الوطنية للبلاد.

ومع ذلك، أعاد ترامب إثارة الجدل بتصريحاته الأخيرة، حيث رفض استبعاد استخدام القوة العسكرية للسيطرة على القناة، وكرّر انتقاداته لقرار الرئيس الأسبق جيمي كارتر بمنح بنما السيطرة الكاملة على الممر المائي. جاءت هذه التصريحات بعد فترة وجيزة من وفاة كارتر في الشهر الماضي، مما أضاف بعدًا آخر للجدل الدائر حول هذه القضية الحساسة.

قناة بنما

من جهتها، تؤكد بنما أن قناة بنما هي جزء لا يتجزأ من هويتها الوطنية وتاريخها، وأن أي محاولة للتفاوض حول سيادتها أو استعادتها بالقوة ستواجه رفضًا قاطعًا من الشعب البنمي والحكومة على حد سواء. وتُعتبر القناة اليوم مصدرًا رئيسيًا للدخل القومي لبنما، حيث تسهم بشكل كبير في الاقتصاد البنمي من خلال رسوم العبور والأنشطة التجارية المرتبطة بها.

في ظل هذه التصريحات المثيرة للتوتر، يبدو أن العلاقات بين بنما والولايات المتحدة قد تدخل مرحلة جديدة من التحديات، خاصة مع وصول إدارة ترامب إلى السلطة، والتي قد تحمل سياسات خارجية أكثر تشددًا في التعامل مع القضايا الدولية.