بوابة كل حصري

"النافورة" لسلمى بكار: اعتصام الرحيل بباردو في مرآة السينما

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"النافورة" لسلمى بكار: اعتصام الرحيل بباردو في مرآة السينما, اليوم الأربعاء 18 ديسمبر 2024 02:21 مساءً

"النافورة" لسلمى بكار: اعتصام الرحيل بباردو في مرآة السينما

نشر في باب نات يوم 18 - 12 - 2024

299478
بعد نجاح فيلمها "الجايدة" عام 2017، تعود المخرجة التونسية سلمى بكار بفيلمها الجديد «النافورة»، الذي عُرض لأول مرة عالميا مساء أمس الثلاثاء بمسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، ضمن فعاليات الدورة 35 لأيام قرطاج السينمائية. الفيلم، الذي يمزج بين الدراما الاجتماعية والبعد السياسي، يعيد تسليط الضوء على واحد من أبرز الأحداث التي طبعت تاريخ تونس ما بعد الثورة، وهو اعتصام الرحيل في صائفة 2013.
يبدأ الفيلم بأسلوب غير تقليدي حيث اختارت سلمى بكار تقديم شارة العمل من خلال أداء مباشر للفنانة لبنى نعمان بمرافقة موسيقية لربيع الزموري وكلمات من قصيدة للشاعر التونسي الراحل الصغير أولاد حمد، في تكريم واضح للمرأة التونسية باعتبارها رمز النضال والكرامة. وهذا الخيار الإبداعي منح البداية زخما عاطفيا وأدخل الجمهور مباشرة في عمق القضايا التي يتناولها الفيلم.
...
يروي فيلم "لنافورة" قصة ثلاث نساء من أجيال وخلفيات اجتماعية مختلفة: جليلة (ريم الرياحي) وسلوى (أميرة درويش) ومروى (رنيم علياني). يجتمعن في نزل وسط العاصمة ليجدن أنفسهن في قلب الأحداث السياسية والاجتماعية المرتبطة باعتصام الرحيل، الذي جاء احتجاجا على اغتيال النائب محمد البراهمي في 25 جويلية 2013. عبر مسار سردي متشابك، تنقل سلمى بكار قصص النساء الثلاث اللواتي تتحول معاناتهن الشخصية مع الخوف واليأس إلى مصدر قوة جماعية من خلال انخراطهن في الاعتصام.
اختيار النزل "La Maison Dorée" كموقع رئيسي للأحداث لم يكن مجرد اختيار مكاني، بل كان له بعدا رمزيا فهو مكان يحتضن تجارب متباينة تتحول فيه الشخصيات من الانغلاق على معاناتها الفردية إلى البحث عن معنى أوسع في التلاحم والنضال الجماعي. كما يمثل النزل بمعناه المجازي الوطن الذي يجمع التونسيين رغم اختلافاتهم، وهو نقطة الالتقاء بين الخاص والعام، وبين الألم الفردي والمطالب الشعبية.
يبرز الفيلم أيضا تأثير تجربة سلمى بكار السياسية باعتبارها شغلت عضوية البرلمان عن الكتلة الديمقراطية سابقا. ويظهر هذا التأثير في التفاصيل الدقيقة التي نقلت بها أجواء الاعتصام وفي قدرتها على تجسيد الروابط المعقدة بين الأحداث السياسية الكبرى وحياة الأفراد. يضاف إلى ذلك مزجها بين المادة التصويرية التوثيقية والمشاهد التمثيلية، وهو أسلوب عزز مصداقية العمل وأضفي عليه بعدًا واقعيًا يلامس الجمهور.
من الناحية الفنية، لا يقتصر "النافورة" على السرد أو التوثيق، بل امتد إلى توظيف الموسيقى والشعر كأدوات تعبيرية. واختيار قصيدة "نساء بلادي نساء ونصف" في النهاية كانت لمسة فنية وفي الآن ذاته بيانا سياسيا وثقافيا يؤكد على مكانة المرأة كركيزة أساسية في النضال من أجل الحرية والكرامة.
ويعيد الفيلم قراءة لحظة محورية من تاريخ البلاد برؤية سينمائية تتجاوز التوثيق إلى تقديم بعد إنساني عميق. سلمى بكار، التي اشتهرت بأعمالها الملتزمة مثل "فاطمة 75" و"الجايدة"، تثبت مرة أخرى قدرتها على استثمار السينما كأداة للتعبير عن قضايا سياسية واجتماعية شائكة، مع الحفاظ على حساسية فنية عالية. وأحيت بفيلمها الأحداث التاريخية وحولتها إلى تجربة إنسانية عابرة للزمن تخاطب الأجيال وتبقي جذوة النقاش حول الماضي والمستقبل مشتعلة.
تابعونا على ڤوڤل للأخبار

.




أخبار متعلقة :