نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جهل وتسطيح فاضح.. بدر بن سعود يعلق على نظرية المؤامرة في الدول العربية ويضرب مثالا بفلسطين, اليوم الخميس 9 يناير 2025 03:34 صباحاً
صحيفة المرصد : علق الكاتب بدر بن سعود على نظرية المؤامرة في الدول العربية، مشيرا إلى أن الاعتماد على هذه النظرية جهل وتسطيح، حسب تعبيره.
منهج التفسير الأساسي
وقال خلال مقال له منشور في صحيفة "الرياض" بعنوان "المؤامرة صناعة عربية"، نظرية المؤامرة تحولت من أداة تحليل غير علمية إلى عقيدة وأيدلوجيا في الذهنية العريبة، ويمكن اعتبارها بمثابة منهج التفسير الأساسي للأحداث والوقائع، لأنها لا تستند لمنطق علمي، ولا تحتاج إلى تقديم أدلة ملموسة على افتراضاتها، وفي رأيي، الاعتماد عليها يشير إلى جهل وتسطيح فاضح، ومن الأمثلة المؤكدة أن احتلال فلسطين لا يدخل في دائرة المؤامرة على الإطلاق، وإنما هو فعل استعماري علني ومنظم تم بفعل تحالف بين قوى مختلفة، والسردية التآمرية تنجح لأنها تستند إلى الغيبيات، وليس بالإمكان رؤيتها أو قياسها، ولا تختلف في استنتاجاتها عن قراءة الطالع وربما السحر والخرافة، وهذا لا يعني إنها ليست موجودة، والخطأ يكون في اختزال الحدث بأكمله فيها، لأنها لا تمثل إلا جزءًا بسيطاً من المشهد الكامل.
المؤامرة في شكلها الحديث
وتابع، في الثقافة العربية، وبالأخص في المجال السياسي، تؤرخ المؤامرة في شكلها الحديث باتفاق سايكس بيكو، ثم النكبة في فلسطين وتدمير العراق وتقسيم السودان وثورات الربيع العربي، والحقيقة أن الأمور السابقة مرتبطة بالواقع الاجتماعي والسياسي للدول العربية المتضررة، والتطورات السورية الأخيرة تدخل في السياق نفسه، بمعنى أنه لا توجد مؤامرات أو أمور مدبرة بليل، وإنما تحالفات ومصالح لا أكثر.
أسطورة التفكير التآمري
وأردف، الدكتور عبدالوهاب المسيري صرف وقتاً طويلا من حياته، لالغاء أسطورة التفكير التآمري، التي تعتقد بهيمنة اليهود على العالم، ووجد في النهاية أنهم أشخاص عاديون، لا يملكون قدرات خارقة، ولا يختلفون عن غيرهم، وأثبت زيف ما يعرف بـ(بروتوكولات حكماء صهيون)، والتي تقول بتدخلهم في صياغة المنعطفات التاريخية الكبرى، والأحداث المفصلية، وقال إن هذه البروتوكولات تخدم الصهاينة في المقام الأول، لأنها تعمل على تضخيم حضورهم في إدارة اقتصاد العالم، وفي قرارات الدول المؤثرة، وكل ما سبق، في اعتقاده، يحاول تضخيم فكرة التفوق الصهيوني، ويكرس العجز وقلة الحيلة، عند خصومه والمخالفين له.
كسل فكري وخمول معرفي
وواصل، الفرنسي رودي رايشطات يرى في كتابه: أفيون الحمقى، المنشور عام 2021، أن الحماس والاعتقاد بنظرية المؤامرة، يشير الى كسل فكري وخمول معرفي، وأن العقل المؤمراتي يبحث عن الإجابات السهلة والمعلبة، حتى يصل إلى الراحة النفسية، ومن تستبد بهم نظرية المؤامرة، بحسب آراء المختصين، لديهم قدرة عالية ومبالغ فيها في تقييم قدراتهم، وطروحاتهم في معظمها غير معقولة، ويكثرون من استخدام ألفاظ الجزم والتأكيد، والأصعب أنهم ينظرون لأنفسهم كأشخاص مستنيرين، وهم في غياهب الظلمات، ويبالغون في الشك والارتياب من كل شيء، فيما يشبه البارانويا، ويعملون على تسفيه كل الروايات التي لا تتوافق مع وجهة نظرهم، كتصور أن انسحاب أميركا من أفغانستان تم لأهداف سرية، وأن أحداث 11 سبتمبر مدبرة من المخابرات الأميركية، أو الاستعانة بمشهد من أفلام (ذا ماتريكس)، يظهر فيه تاريخ انتهاء جواز سفر بطل الفيلم كيانو ريفز، مطابقاً لتاريخ تفجيرات نيويورك وواشنطن، ومعها اغتيال جون كيندي في 1963، ووفاة الأميرة ديانا في 1997، والاعتقاد أن كورونا سلاح صيني بيولوجي انتجته الصين في 2020، وأن الهبوط على القمر في 1969 مؤامرة من وكالة ناسا الاميركية.
تطعيم الحصبة
وأكمل، لعل من أخطر ممارسات نظرية المؤامرة، المؤتمر الصحافي الذي عقد في 1998، وحذر فيه الطبيب البريطاني اندرو ويكفيلد من تطعيم الحصبة وأنه يؤدي إلى التوحد، حتى أن شخصيات مشهورة صدقته كجيم كاري، ووصف بالأب الروحي للحركة المضادة للتطعيم، وكلامه تسبب في تراجع التطعيم ضد الحصبة في بريطانيا بنسبة 80%، وفي تسجيلها لـ16 ألف حالة إصابة بها، والأصعب أن ما فعله ويكفيلد، لم يكن للصالح العام، وإنما مجرد تمثيلية محبوكة، فقد اتضح أنه متورط في مؤامرة فعلية مع شركة طبية منافسة لهذا التطعيم، وحصل بموجبهاعلى رشوة قدرها 500 مليون جنيه استرليني، ورغم سحب رخصته الطبية، وتراجعه عن نتيجة بحثه الملفق، إلا أنه مازال محل احتفاء عالمي، وينظر لعقابه أنه جاء كنتيجة لكشفه المؤامرة.
جماعات سرية
وأضاف، نظرية المؤامرة إذا خرجت إلى الناس أصبحث ملكاً لهم، ومن أخرجها لا يمكنه السيطرة عليها، حتى وإن تراجع عنها، واجتهد لإثبات عكسها بالأدلة العلمية، وتوصلت دراسة أجريت في جامعة كامبريدج البريطانية عام 2015 إلى أن 60% من البريطانيين وافقوا على نظرية مؤامرة واحدة من أصل خمس نظريات عرضت عليهم، أبرزها، وجود جماعات سرية تتحكم بالأحداث العالمية، وأن هناك اتصالات سرية بين الحكومة الأميركية وكائنات فضائية.. والتخلص من هذه الأفكار، لا يكون إلا بالمعرفة العلمية والتفكير النقدي التحليلي، عند تفسير الأحداث غير المفهومة، والتزام الحياد أمام الفرضيات التي لا تقبل القياس، وليس بالإمكان اختبارها بالطرق العلمية، وبحسب أهل الاختصاص فإن نظريات المؤامرة أمر مشترك بين الناس، ولا يخلو شخص في العالم من إيمانه بنظرية أو نظريتين تنطوي على مؤامرة، وهذه إشكالية فعلًا، فإذا كان السابق يحدث في المجتمعات الغربية، فما هو المتوقع في المجتمعات العربية، بما فيها المجتمع السعودي، في ظل غياب الإحصاءات والدراسات المسحية عليها.
أخبار متعلقة :