نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عيد الأضحى 2025: في انتظار قرار الحسم!, اليوم الأربعاء 15 يناير 2025 05:23 مساءً
حتى دون إفصاح الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى بايتاس، خلال الندوة الصحفية التي أعقبت مجلس الحكومة المنعقد يوم الخميس 9 يناير 2025، عن رأي الحكومة في المطلب الشعبي حول إلغاء "عيد الأضحى" لهذا العام، واكتفائه بالقول فقط إنه من السابق لأوانه الحديث عن الأمر صراحة، داعيا إلى التريث وانتظار ما ستحمله معها الشهور الخمسة القادمة من تغييرات مهمة، مؤكدا على أن الملف ليس شأنا حكوميا، فإن الكثيرين اعتبروا تصريحاته تلميحا إلى إمكانية تدخل أمير المؤمنين الملك محمد السادس، الذي له وحده الصلاحية الكاملة في اتخاذ القرار الحاسم، نزولا عند رغبة آلاف الأسر المغربية، ولاسيما في ظل أزمة الأغنام، وما أضحت تعرفه أسعار اللحوم الحمراء من ارتفاع قياسي غير مسبوق.
فالمناداة بإلغاء شعيرة عيد الأضحى ليست وليدة هذه السنة، بل هي مطلب شعبي طالما تكرر عبر الهاشتاغات على منصات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة، التي تميزت بالتحديات المناخية والاقتصادية وانعكاساتها المباشرة على القطاع الفلاحي وأسعار المواشي من أبقار وأغنام، حيث أن موجة الجفاف ما انفكت تضرب بلادنا، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف الأعلاف، وتراجع مقلق في أعداد الماشية، لدرجة اضطرت معها الحكومة إلى الاتجاه نحو استيراد الأغنام، لكنها لم تستطع تحقيق الأهداف المتوخاة منه رغم كلفته المالية الضخمة على الميزانية العامة، إذ أن الأسعار بقيت على حالها جد مرتفعة.
وفي هذا السياق تستحضر عديد الأسر أن الملك الراحل الحسن الثاني كان قد اضطر إلى دعوة الشعب المغربي إلى الإمساك عن أضحية العيد في ثلاث مناسبات، رغم كونها سنة مؤكدة في الشريعة الإسلامية. حيث جاءت المناسبة الأولى عام 1963 إثر اندلاع "حرب الرمال" مع الجزائر التي استنزفت المغرب اقتصاديا. وكانت المناسبة الثانية خلال عام 1981 بسبب تواتر موجات الجفاف الحاد الذي ضرب البلاد، وأدى إلى نفوق أعداد كبيرة من الأنعام، فضلا عن تراكم عديد المشاكل الاقتصادية نتجت عن ارتفاع المديونية الخارجية، ثم عاد في المناسبة الثالثة خلال عام 1996 لاتخاذ نفس القرار جراء توالي سنوات الجفاف العجاف التي بلغت حدتها سنة 1995.
فكيف لا ينادي معظم المغاربة اليوم بإلغاء شعيرة ذبح الأضحى بشكل استثنائي، والظروف الحالية تكاد لا تختلف كثيرا عن تلك التي تم فيها اللجوء إلى إلغاء "العيد الكبير" إن لم تكن أسوأ، من حيث تواصل مسلسل الغلاء الفاحش، ارتفاع معدلات الفقر والبطالة وهزالة الأجور، تواتر سنوات الجفاف، تراجع أعداد الماشية المحلية وارتفاع أسعار الأعلاف والأضاحي؟ وما جدوى اللجوء مرة أخرى إلى عملية الاستيراد، إذا كان الوزير المكلف بالميزانية فوزي لقجع نفسه، أكد في تصريح إعلامي سابق أن الدعم المالي الذي قدمته الحكومة للمستوردين مع ما رافقه من إجراءات أخرى، لم يحقق هدفه المنشود في خفض أسعار الأضاحي وتحسين القدرة الشرائية للمواطنين، إذ على العكس من ذلك ساهم في توسيع دائرة الاحتكار والرفع من الأعباء الاقتصادية على الأسر المغربية، وخاصة الفئات المتضررة ذات الدخل المحدود؟
مما لا شك فيه أن المغاربة من أكثر شعوب العالم تدينا وتشبعا بتعاليم دينهم، حيث يعتبر الدين الإسلامي جزء لا يتجزأ من حياتهم اليومية، وقد كشف تقرير لمركز "بيو" الأمريكي، المتخصص في الأبحاث الديمغرافية والاجتماعية، في استطلاعات أجراها ما بين سنتي 2008 و2023 حول البلدان الأكثر تدينا في العالم، عن أن المغرب يتصدر قائمة دول شمال إفريقيا على مستوى تغلغل الدين داخل المجتمع، إذ شدد حوالي 90 في المائة من المستجوبين على أهميته في حياتهم، ويؤكد أزيد من 70 في المائة منهم مواظبتهم على صلواتهم الخمس بشكل يومي.
لذلك نجد أن معظم المغاربة ورغم ضيق ذات اليد، كانوا دوما أكثر التزاما بعيد الأضحى مهما كلفهم الأمر من ميزانية إضافية، لكنهم سرعان ما وجدوا أنفسهم في السنوات الأخيرة مجبرين على التخلي عن هذه السنة، ولا أدل على ذلك أكثر مما أظهره تقرير رسمي للمندوبية السامية للتخطيط، الذي كشف عن ارتفاع نسبة الأسر التي لا تمارس شعيرة عيد الأضحى بسبب الغلاء وضعف القدرة الشرائية، خاصة أن الأضحية تمثل حوالي 30 في المائة من إجمالي النفقات السنوية للأسر المغربية المخصصة لاستهلاك اللحوم، حيث انتقلت نسبة الأسر غير الممارسة لهذه الشعيرة من 4 في المائة عام 2014 إلى 22 في المائة عام 2022، ومازالت مرشحة لمزيد من الارتفاع...
إن استطلاعا للرأي في الفضاءات العامة، أو لمحة سريعة لما تعج به صفحات التواصل الاجتماعي من تدوينات حول شعيرة عيد الأضحى، كفيلان بالكشف عن حجم المغاربة الذين بفعل عدم قدرتهم على ادخار مصاريف العيد، سيضطرون خلال هذه السنة كذلك إلى التخلي عن ممارسة هذه الشعيرة الدينية، أو الذين يأملون بدورهم أن يتدخل ملك البلاد ويعلن عن قرار إلغائه ولو بشكل استثنائي خلال هذه السنة، اقتداء بوالده وسيد الخلق النبي الكريم محمد عليه الصلاة والسلام، الذي كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين عن نفسه وآل بيته ومن لم يضح من أصحابه، بما قد يخفف عن عديد الأسر المغربية الكثير من الضغط، ويساهم كذلك في الحفاظ على القطيع الوطني.
أخبار متعلقة :