نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
واسيني الأعرج.. الجوائز تفاحة مفرحة لا تصنع كاتباً, اليوم الجمعة 24 يناير 2025 02:26 صباحاً
تحمل تجربة الروائي واسيني الأعرج الشكل التجريبي، فهو شديد النزوع إلى التجديد في الكتابات التي يقدمها، كما ينزع الكاتب إلى تقديم الجانب الأنثوي في رواياته، وهذا يرتبط إلى حد بعيد بطفولته ونشأته، حصد الكاتب الجزائري العديد من الجوائز الأدبية المرموقة، ولكنه أكد في حديثه مع «الإمارات اليوم» أن الجوائز، أشبه بتفاحة نيوتن، تمنح الكاتب الفرح والتقاط أنفاسه خارج عزلته المضنية، ولكنها لا تصنع كاتباً.
واستهل الأعرج حديثه مع «الإمارات اليوم»، على هامش ندوة نظمت، أخيراً، في مكتبة محمد بن راشد، عن أهمية الاحتفاء بالرواية العربية، قائلاً: «جرت العادة على الاحتفاء بما هو سياسي أو مجتمعي، ولكن اليوم بات الاحتفاء بالرواية العربية عالمياً، وهذا ما يضع الرواية على طاولة النقاش»، واعتبر أنه قد خصص يوم عالمي للرواية من دون الشعر أو المسرح، لأن الرواية هي الشاهد الحقيقي على ما يدور في المجتمعات وتطوّرها، فهي تروي المجتمعات بما يدور فيها من جماليات ومن سوء وتحولات خطرة، فهي كالذاكرة، لأنه حتى الخيال منها قد بُني على حقائق موضوعية، فهي كالعالم الصغير الموجود في كتاب.
ولفت الأعرج إلى أن الرواية العربية تؤدي دورها اليوم أكثر من الماضي، موضحاً أنه حتى الثقة بالتاريخ قد تقلصت، إذ يُقال إن التاريخ يكتبه المنتصرون، ولا يعرف الناس التفاصيل الخاصة بالحروب التي دونها المنتصرون، ولهذا لابد من البحث عن الحقائق، وأشار إلى أن قراءة 10 روايات من بلدان عربية مختلفة، سيُشكل لدى المرء رؤية عن الواقع، منوهاً بأنه مهما بلغت عمومية وإنسانية الروايات، فهي لن تكون منفصلة عن الواقع المحلي الذي خرجت منه، وهذا بدوره يجعل المرء على دراية بما يحدث في العديد من دول العالم.
وحول أهمية الجوائز للروائي، أكد الأعرج أن الجوائز يجب أن تؤخذ كقيمة في حدودها، فالجوائز لا تصنع كاتباً بما فيها جائزة نوبل للآداب، وشبّه الجوائز بتفاحة نيوتن، فهي تسرق الكاتب من عزلته المضنية وتمنحه لحظة من السعادة، ولكن على الكاتب أن ينسى اللحظة ويواصل عمله، وشدّد الأعرج على أن دور الجوائز يكمن في جعل الكاتب مرئياً، ففي بعض الأحيان، يكون الكاتب غير معروف، أو من غير المعلوم بأن لديه كتباً مترجمة ومتوافرة في المكتبات، ولكن المجتمع لا يقرأ، وأكد أن «جائزة الشيخ زايد للكتاب التي فاز بها في دورتها الأولى تعني له الكثير، لأنها تجسد قائداً عظيماً لدولة بنت بلدها من الرمال، وجعلت منه عالماً آخر»، وأضاف في هذا الصدد: «تحمل الجائزة أهمية من ناحية ثقافية أيضاً، لأنها منحت لكتاب (الأمير)، وقد كتبت الرواية عن الأمير عبدالقادر، الذي كنت أحب شخصيته وكيف عاش في المنفى الأخير الخاص به في دمشق، إذ كانت الرواية بمثابة استعادة للشخصية الرمزية، فضلاً عن أنها تحمل من التاريخ والعمق الجمالي للشخصية، وتبرز الجانب الصوفي لديه وعلاقته المميزة بأمه»، واعتبر الأعرج أن التاريخ لا يبرز هذه التفاصيل والناس تردد ما ينقله التاريخ، إذ يصبحون مؤرخين بلا فائدة، مشدداً على أن الرواية التاريخية، لا تعيد التاريخ إلى الواجهة، بل تعيد ما لم يقله التاريخ.
وأخذت الروايات التي قدمها واسيني الأعرج العناوين الأنثوية، ونوه بأن دور الأنثى في حياته يعود إلى نشأته في مجتمع يهيمن عليه الحضور النسائي بسبب استشهاد والده وهو في سن صغيرة جداً، وقد نشأ مع جدته التي كانت متميزة برواية القصص، ولهذا يصفها بأستاذته في الرواية، فضلاً عن والدته وخالاته وبناتهن، ولفت إلى أنه عايش الحياة القاسية لوالدته لاسيما بعد وفاة والده، وتعلّم من هذه التجربة فكرة المقاومة النسوية، إذ كانت والدته تردد عبارة «يجب ألا نيأس في مجتمعات كل ما فيها يدعو لليأس»، موضحاً أن الكتابة انعكاس لهذا الوجدان، فالوجدان يتكوّن من العلاقة مع النساء، ويؤثر في المرء ويصفيه من الداخل.
ومن الشخصيات النسائية التي قدمها الأعرج في رواية، هي شخصية مي زيادة، وذلك في رواية «مي ليالي إيزيس كوبيا.. ثلاثمائة ليلة وليلة في جحيم العصفورية»، ولفت إلى أن الرواية حين صدرت كانت حدثاً كبيراً، لأن الناس اكتشفوا أنها كانت مضطهدة، وأنها مكثت في «العصفورية» (المصحة النفسية) أكثر من سنة، وأضاف عن مي زيادة: «هذا الوضع الصعب الذي عاشته يصبّ في خانة الاضطهاد، وحين كتبت عنها أردت القول كفى لاضطهاد المرأة، فالنساء في العالم العربي ما زلن يعانين حتى من القوانين، فعلى الرغم من حالة التطوير إلا أن الترسبات موجودة».
وحول المكانة التي حققتها رواية الأعرج في الأدب العربي، دون الكثير من الروائيين الجزائريين، أشار الأعرج إلى أنه ربما سحر القدر، موضحاً أنه يكتب لأن الكتابة هي كالجهاز التنفسي، فهو يكتب كيلا يختنق، وهذا الجهاز يمنحه الفرصة للاستمرار ولقول الحقيقة، ومحاولة أن يكون صادقاً في ما يقوله ويكتبه، ووضع العديد من العوامل لنجاح وتميز التجربة، ومنها عامل الصدق، والدخول في تراجيديا المجتمع، لأن الناس يعيشون التراجيديا ولهذا يأتون لهذه الكتب، واجتماع هذه العناصر يقود إلى أن يأتي الجمهور نحو كاتب معين، فضلاً عن الجانب الإعلامي الذي يلعب دوراً في شهرة الكاتب.
سيرة روائية
ولد الكاتب واسيني الأعرج في الجزائر عام 1954، وحصل على دكتوراه في الأدب، وهو أستاذ جامعي وروائي، أعدّ وقدّم برنامجاً تلفزيونياً بعنوان «أهل الكتاب»، وترجمت بعض أعماله إلى العديد من اللغات الأجنبية، من بينها الألمانية، والفرنسية، والإنجليزية، والإيطالية والإسبانية، ومن مؤلفاته الروائية: «احميدة المسيردي الطيب»، و«وقائع من أوجاع رجل غامر صوب البحر»، و«ما تبقى من سيرة لخضر حمروش».
كما له مجموعة قصصية بعنوان «أسماك البر المتوحش»، ودراسات منها «اتجاهات الرواية العربية في الجزائر».
وحصد العديد من الجوائز الأدبية المرموقة، منها جائزة كتارا، وكانت آخر الجوائز جائزة «نوابغ العرب» عن فئة الآداب والفنون عام 2023.
واسيني الأعرج:
. جائزة الشيخ زايد للكتاب تعني لي الكثير، لأنها تجسد قائداً عظيماً لدولة بَنتْ بلدها من الرمال، وجعلت منه عالماً آخر.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news
أخبار متعلقة :