نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
فواتير "مضروبة" وشركات "شبح": تركيا شريك غير موثوق, اليوم الاثنين 2 ديسمبر 2024 02:20 مساءً
نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 02 - 12 - 2024
بقطع النظر عن المستجدات يبدو أن المراجعة الأخيرة لإتفاق الشراكة مع تركيا لم تستهدف منبع اختلال المصالح الناجم بالأساس عن انعدام مقومات الشفافية والوضوح.
وعلى هذا الأساس يتطلب الدفاع عن المصالح الوطنية مقاربة جديدة تأخذ بعين الاعتبار خصوصية النظام الإخواني في تركيا القائم على التداخل بين الدولة والمافيا والتشابك بين الأجهزة الحيوية المحلية ومثيلاتها الصهيونية وبالتالي لا توجد في تركيا نقطة تموصل واضحة بين ماهو رسمي وماهو غير رسمي.
وفي ظل هذه الخصوصية تنتفي المعايير الموضوعية المنظمة للعلاقات التجارية بين الدول حيث لا توجد ضمانة لصدقية وثائق التجارة الخارجية الصادرة عن الشركات والهيئات الرسمية التركية مثل فواتير الشراء وشهائد المطابقة لمعايير الجودة والسلامة.
بل إن انتشار ظاهرة الفواتير المضروبة وحتى الشركات «الشبح» التي ليس لها أي وجود مادي لا يؤثر فقط على نجاعة الحواجز الجمركية والفنية وإنما يطرح أيضا مخاطر توظيف تسهيلات التبادل التجاري مع تركيا لتهريب وتبييض الأموال.
كما تمارس تركيا الدعم المقنع «تحت الطولة» للصادرات وذلك بهدف اكتساح الأسواق الخارجية بعد تفكيك الأنسجة الصناعية في الدول المستهدفة وبالتالي تصبح المعاليم الجمركية الموظفة على السلع التركية معاليم صورية ليس لها أي تأثير على أرض الواقع خصوصا وأن هذا الدعم يصل إلى 50 بالمائة من قيمة المنتوج.
وتكشف أوضاع العديد من الصناعات الوطنية العريقة عن مدى خطورة المقاربة التجارية التركية الفاقدة لمعايير الشفافية حيث أن التنافسية العالمية لقطاعات مثل الملابس والأحذية والمواد الصحية لم تحل دون بروز مسار تأزم تراكمي في هذه القطاع ارتبط تاريخيا بتحرير المبادلات التجارية مع تركيا.
واللافت أنه رغم تراكم المؤشرات التي تؤكد عدم شفافية الجانب التركي لم يلجأ الجانب التونسي ولو في مناسبة واحدة إلى تطبيق التدابير الحمائية مثل الإجراءات الوقائية عند التوريد وتدابير مكافحة الإغراق المنصوص عليها بالتشريح التونسي تبعا لإنضمام تونس كعضو مؤسس للمنظمة العالمية للتجارة منذ تسعينات القرن الماضي تزامنا مع تحرير التجارية الخارجية.
وعموما يوجد تردد تونسي غير مفهوم في استخدام التدابير الحمائية مثل التضييقات الكمية «الكوتا» أو حتى التحجير المطلق للتوريد رغم توفر العناصر الموضوعية لتطبيق هذه التدابير ورغم شياعها على الصعيد الدولي حيث طبقت الولايات المتحدة التدابير الوقائية Les mesures de sauvegarde على منتوجات الدول المنافسة بما في ذلك زيت الزيتون الإسباني كما أوقفت المملكة المغربية منذ عدة سنوات واردات الكراس المدرسي من تونس التي تعادل 30 مليون دينار سنويا ولا يزال هذا القرار ساري المفعول رغم رفع تونس قضية استئنافية لدى الهيئة التحكيمية لمنظمة التجارة العالمية.
كما يطنب الإتحاد الأوروبي في استخدام الحواجز غير الجمركية عبر تشديد المواصفات الفنية والتضييقات اللوجستية وذلك بهدف الحدّ من تدفق الواردات وهو ما يفسر عدم قدرة بعض منتوجات الصناعات الغذائية التونسية مثل الحليب واللحوم البيضاء والحمراء على النفاذ إلى السوق الأوروبية.
وبالمحصلة حان الوقت لإجراء تقييم شامل للسياسة التجارية التونسية يأخذ بعين الاعتبار أن تصحر القطاع الصناعي الذي يمثل الركيزة الأساسية للإقتصاد الوطني ورفاه المواطن قد تزامن من التحرير غير المؤطر للتجارة الخارجية وبالتالي فإن حساسية الحكمومة يجب أن تتجه إلى مواطن الشغل التي تبخرت في القطاع الصناعي بسبب تسارع نسق اندثار المؤسسات خلال العقدين الأخيرين.
أما بخصوص اتفاق الشراكة مع تركيا فإن الحكومة مدعوة للإنتباه أكثر إلى انعدام عناصر الشفافية وتأثير هذه الخصوصية على مرتكزات النظام الاقتصادي والمالي في تونس فالدولة التي تصدر وثائق رسمية تزعم أن شحنات الأسلحة الموجهة للجماعات الإرهابية شحنات دواء بكل المقاييس شريك غير موثوق فيه.
كما يجدر التذكير بأن هي جذور هذا الإتفاق قد تأثرت في ظرفيتها بفساد العائلة الحاكمة في حقبة الرئيس الراحل بن علي كما أن مرحلة التحرير الكامل للمبادلات الصناعية قد تزامنت مع حكم الإخوان والمافيا خلال عشرية الخراب التي شهدت هيمنة واضحة للنظام الإخواني في تركيا على القرار التونسي بكافة أبعاده السياسية والاقتصادية والثقافية.
.
أخبار متعلقة :