بوابة كل حصري

مع الشروق .. مفاتيح الشرق الأوسط في جيب نتنياهو !

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مع الشروق .. مفاتيح الشرق الأوسط في جيب نتنياهو !, اليوم الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 11:19 مساءً

مع الشروق .. مفاتيح الشرق الأوسط في جيب نتنياهو !

نشر في الشروق يوم 10 - 12 - 2024


بعد 21 عاما من احتلال العراق وتدمير دولته ومؤسساته وتفكيك جيشه الذي كان يرعب الصهاينة ويقض مضاجعهم، تتدحرج كرة النار إلى سوريا ليلقى الجيش العربي السوري نفس المصير.. وقد كانت مسألة انهائه وتفكيكه حلما صهيونيا، بل ومطلبا صهيونيا ظل الأمريكيون والصهاينة يتصيّدون الفرصة لتحقيقه.
أبعد من مسألة سقوط الرئيس السوري السابق، وأبعد من التفاصيل والحيثيات ومن كل الأسئلة الحارقة التي رافقت عملية توغل الجماعات المسلحة وتدحرجها بسرعة فائقة من حلب إلى دمشق وفق مشهد تكرر في كامل مسار الحملة.. الجحافل تتقدم، والجيش السوري يتراجع خارج المدن والمحافظات ويخلي مواقعه ليسلمها إلى القادمين وكأنهم في رحلة استكشافية.. أبعد من كل هذا فإن ما يشد الانتباه هو التشابه حد التطابق بين سيناريو سقوط بغداد وسيناريو سقوط دمشق.. في العراق نذكر أنّ الجيش العراقي قد أبلى بلاء حسنا في معركة المطار التي قاد فصولا منها الرئيس الشهيد صدام حسين وألحقت بالغزاة خسائر فادحة في الأرواح والمعدات ما اضطرهم إلى استعمال أسلحة محرّمة دوليا لحسم المعركة.. وبعدها انفتحت كل أسوار بغداد وتكرّر مشهد حيّر العالم في حينه: الجيش العراقي يمتنع عن القتال، بل وينزع البدلة العسكرية ويسلّم سلاحه ويتبخّر..
نفس المشهد استنسخ تقريبا في الحالة السورية، الجيش العربي السوري (سابقا) يمتنع عن القتال ويتراجع من موقع إلى موقع ممهدا الطريق إلى دمشق وفي كل موقع ينزع الجنود بدلاتهم العسكرية ويلقون أسلحتهم ويهيمون على وجوههم لتترك سوريا ويترك الشعب السوري إلى مصير مجهول. كيف حدث كل هذا؟ ولماذا حدث كل هذا؟ ومن نسج خيوط اللعبة؟ ومن المستفيد في ميزان الربح والخسارة؟ وأي مستقبل لسوريا في ضوء ما جرى؟ أسئلة حائرة تبقى الأيام كفيلة بتوفير أجوبة شافية عنها.. ومع ذلك فإن ما يظهر من جبل الجليد يوفر الكثير من عناصر الإجابة.
ما يطرق أبواب المنطقة بإلحاح كبير وبضجيج أكبر عنصران مهمان. الأول هو طبخة «الشرق الأوسط» الجديد بما فيه من تقسيم وإعادة تشكيل مع ما يقتضيه ذلك من اسقاط للدول المحورية في المنطقة.. اسقاط يمرّ عبر تدمير دولها وتفكيك جيوشها. وفي طليعة هذه الدول يأتي العراق وتأتي سوريا.. وهو ما تحقق توطئة لقيام كيانات قزمية في أطر فيدرالية أو كنفدرالية أو حتى في أطر تمزيق أوصال دول على أسس مذهبية وطائفية تميدا لقيام دول قزمية تدور في فلك الكيان الصهيوني وحليفه الأمريكي.. وتوفر للكيان فرصة أن يتحول إلى «الدولة المركزية» المهيمنة في المنطقة.. والتي يتحكم في مفاتيح عواصمها وفي مقادير شعوبها.. وبذلك يصطاد كل من الأمريكي والصهيوني عصفوره المنشود: الأمريكيون يضعون اليد على مصادر النفط والغاز في المنطقة حتى إذا ما أرادوا تركيع التنين الصيني ضغطوا على الزر فتطير أسعار الطاقة.. إضافة إلى تهيئة ظروف مثلى لتمرير صفقة القرن... هذا علاوة على انجاز ترتيباتهم الاستراتيجية لاستدامة هيمنتهم على النظام الدولي من خلال قطع الطريق على حزام وطريق الحرير الصيني وفسح المجال أمام بديله الأمريكي: طريق الهند أوروبا مرورا بالشرق الأوسط.
أما الصهاينة فإن اقصاء الجيشين العراقي والسوري وتدمير المقاومة في غزة ومحاصرة حزب الله في لبنان يفتح أمامهم الطريق فسيحة لانجاز حلم «إسرائيل الكبرى» الذي يتواجد باستمرار في الرفوف وفي العقول وفي السياسات ويسعى الصهاينة بلا هوادة نحو تحقيقه.. وهو ما بات متاحا الآن ونحن نشهد كيف اندفع نتنياهو إلى «توسيع رقعة اسرائيل» كما نصح به الرئيس الأمريكي ترامب من خلال احتلال مساحات شاسعة من الجولان السوري وتوجيه آلته الحربية لتتوغل داخل المدن والمحافظات السورية لفرض ترتيبات إقامة «اسرائيل الكبرى».. هذا علاوة على ما يصحب هذا التوجه من تدمير ممنهج لقدرات سوريا العسكرية في موجات قصف لم تتوقف منذ انهيار سوريا.
في الضفة المقابلة، انه الفراغ المطبق، حيث يتوزع العرب بين شق من السوريين منتش بوضع يده على سوريا ولم يبنس ببنت شفة بخصوص العربدة الصهيونية في الأراضي السورية وعدوانها الذي لا يتوقف على كل المقومات العسكرية للدولة السورية. وبين شق مشدوه لا يفهم ما جرى.. وبين عرب تطوعوا بدعم الحملة على لإسقاط سوريا ووفروا كل ما يلزم، وبين عرب ينظرون وينتظرون باقي فصول مسلسل الغطرسة الصهيونية وإقامة إسرائيل الكبرى.. فلا دولة تكلمت، ولا جامعة عربية اتخذت موقفا ولا أحد منهم صرخ بأن صراعهم مع الرئيس السوري السابق شيء وبأن سوريا الدولة والمقدرات شيء آخر. وبأن اسقاط القيادة السورية السابقة لا يعني اسقاط سوريا وتدمير دورها العربي إلى الأبد.
فهل بعد هذا العجز عجز؟ وهل بعد هذا العهر عهر؟ اللهم احم الجيش المصري فهو آخر حصون الأمة.
عبد الحميد الرياحي

.




أخبار متعلقة :