بوابة كل حصري

يهددون تونس ب «النصر المبين»: الإخوان يعودون إلى الواجهة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
يهددون تونس ب «النصر المبين»: الإخوان يعودون إلى الواجهة, اليوم الأربعاء 11 ديسمبر 2024 01:41 مساءً

يهددون تونس ب «النصر المبين»: الإخوان يعودون إلى الواجهة

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 11 - 12 - 2024


تتجاهل قيادات حركة النهضة التي تلوّح بالنصر المبين في تونس بعد قيام حكم الإرهاب في سوريا أن الشعب التونسي طوى صفحة الإخوان إلى الأبد.
وتتناسى تلك الأصوات الناعفة التي سارعت إلى التعبير عن سعادتها الغامرة بالكارثة التي حلت بالشعب السوري الشقيق أن كل شبر من تراب تونس سيضل شاهدا على الخراب الذي أنتجه حكم الإخوان خلال العشرية السوداء التي كانت بكل المقاييس مرحلة استثنائية في تاريخ تونس التي عرفت لأول مرة مفهوم الإغتيالات والأحزمة الناسفة والمذابح.
وبالنتيجة فإن مشكل الإخوان مع الشعب التونسي ومؤسسات الدولة المؤتمنة على إرادة الشعب الذي حسم أمره في تجار الدين منذ اللحظة التي اندفعت فيها أربع رصاصات غادرة لتغتال الزعيم الوطني «شكري بلعيد» الذي كان ولا يزال يختزل الشخصية الوطنية الأصيلة المناهضة لكل أشكال الوصاية والاستعلاء من عهد قرطاج إلى يوم يبعثون.
وربما جاءت التطورات الأخيرة في سوريا لتذكر التونسيين بعهد «دمقرطة الإرهاب» الذي شهدت خلاله تونس تداخلا غير مسبوق بين الدولة والتنظيم فتح الأبواب على مصراعيها أمام الإهاب الذي عشعش على الجبال وفي الأحياء الشعبية وبنيت العشرات من مخازن السلاح فيما تشكلت مراكز استقبال وتوجيه في الجوامع لإرسال الآلاف من شباب تونس إلى بؤر القتال بإشراف مباشر من قيادات حركة النهضة الدين كانوا يسيطرون على وزارات الداخلية والخارجية والشؤون الدينية إلى جانب السلطة القضائية التي منحت الحصانة لأكثر من 6000 إرهابي عندما كانت ترزح تحت هيمنة «البحيري» و«العكرمي».
كما تعبر مشاهد صادمة كثيرة عن هذا التداخل بين الدولة والجماعة في ذهنية الإخوان منها وزير الخارجية الأسبق «بوشلاكة» الذي حول هبة صينية إلى حسابه الخاص ووزير حقوق الإنسان الأسبق سمير ديلو الذي قاد مسيرة أمام سجن «حربوب» للضغط على حاكم التحقيق بابتدائية تطاوين حتى يفرج عن الإرهابيين الذين تم إيقافهم إثر جريمة إغتيال القيادي في حركة نداء تونس «لطفي نقض» التي ستظل أبشع جريمة في تاريخ تونس أو مستشار علي العريض في وزارة الداخلية الذي تكفل بالإعداد اللوجستي لجريمة اغتيال الزعيم «محمد البراهمي» أو مستشار وزير الصحة الأسبق عبد اللطيف المكي الذي قطع التيار الكهربائي عن آلة الدياليز عندما كان الفقيد «جيلاني الدبوسي» يخضع لحصة تصفية دم في أحد أقسام مستشفى شارل نيكول.
كما يدرك الشعب التونسي أن التدمير الممنهج الذي استهدف المرافق العامة الحيوية مثل التعليم والصحة والنقل كان إفرازا طبيعيا لمشروع الجماعة القائم على التجهيل واستعداء مفهوم الحضارة وبالنتيجة لم يكن الشعب التونسي في رحلة في كوكب المريخ حتى يتغاضى عن التنكيل والترهيب الذي مارسه عليه الإخوان طيلة العشرية السوداء لكنه شعب متحضر يتمسك بثوابت دولة المؤسسات ومجتمع القانون التي تكرس المسؤولية الحصرية للسلطة القضائية في تطبيق المحاسبة كما ينتمي إلى دولة يدرك الإخوان قبل غيرهم مدى عراقتها وتشبعها بمفهوم «الفداء» في الدفاع عن كل ذرة من تراب تونس فقد سبق للقوات المسلحة التونسية أن أسقطت مشروع الإمارة في ملحمة «بن قردان» التي شكلت في مارس 2016 منعرجا مدويا نقل التحالف الداعشي الإخواني من مرحلة الفعل إلى مرحلة التفكك التي انتهت بإسقاط حكم الإخوان في جويلية 2021 إعلانا عن طي صفحة سوداء في تاريخ تونس المجيد.
وبنفس الثوابت تمضي الدولة التونسية إلى الأمام على درب إعادة البناء في كنف التعويل على قدراتها الذاتية مشكلة بذلك نموذجا متفردا وسط محيط عربي يأبى أن يستخلص الدروس ليدرك أن نكساته المتتالية تعود بالأساس إلى التمسك بسياسة المحاور والإستقواء بالأجنبي وهو ما حول المنطقة إلى ساحة صراع بين القوى العظمى احترقت بناره كثير من الشعوب.
إن تونس لا يمكنها أن تفرض خياراتها على غيرها من دول المنطقة لكن ما يحصل اليوم. وربما يتعاظم في المدة القادمة كان نبه إليه الرئيس قيس سعيد في القمة العربية التي استضافتها الرياض في ربيع 2022 عندما حذر العرب من أن يكونوا ضحايا للعالم الجديد مثلما كانوا في العالم القديم.
وبالمحصلة قطع المسار السيادي مع العوامل التي يمكن أن تحول تونس إلى ساحة صراع رغم وعي الشعب التونسي بضرورة تحصين البناء الجديد ضد كل المخاطر التي يمكن أن تنبثق عن المخاض العالمي العسير.
وعلى هذا الأساس لم يغنم قيادات حركة النهضة من خلال حملات التجييش على مواقع التواصل الإجتماعي سوى مزيد فضح ارتباطهم العضوي بالمطبخ الصهيوني الذي يخنزله شعار رابعة باعتباره يعبر عن انتشاء الحركتين الصهيونية والإخوانية بنكسة العرب في الرابع من جوان 1967 .
كما لا يدرك الإخوان والصهاينة بسبب محدودية أفق التفكير أن الحضارات لا يمكن أن تسقط حتى وإن تعثرت فالشعب السوري الشقيق سيعرف بعد فترة إمتصاص الصدمة كيف يعيد بناء دولته الحرة .
كما لا يجب إغفال حقيقة محورية وهي فقدان الصهاينة والإخوان لأخطر أسلحتهم على الإطلاق وهو «الهولوكوست» وبالتالي فإن ما يحدث في سوريا هو تحول إلى حين.
الأخبار

.




أخبار متعلقة :