متى سنسأل أهل الذكر؟

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
متى سنسأل أهل الذكر؟, اليوم السبت 18 يناير 2025 01:53 مساءً

تهاجمنا حوادث الأيام، فنختلف بل نتشاجر حول الموقف منها، ولم يحدث أبدًا (ولو على سبيل الخطأ!) أن حكمنا القاعدة الإلهية التي فيها شفاء لما في الصدور، والقاعدة تقول:"وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُّوحِي إِلَيْهِمْ ۚ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ". أقول هذا وعيناي على الحرائق المروعة التي تجتاح ولاية كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية.

معظمنا لم يغلق فمه، بل تكلم طويلًا وكثيرًا وعميقًا في أمر هو يجهله، ولأن كثرة الكلام ينشأ عنها الاختلاف، فقد اختلفنا بين شامت في مصاب الأمريكان وبين متعاطف مع المواطن الأمريكي الذي ليس له في العير ولا النفير.

الشامتون يقولون: هذا غضب إلهي يعاقب به الله الخالق الرحمن الرحيم الأمريكان الذين قدموا كل دعم ممكن لربيبتهم دولة الاحتلال التي قامت بمحو غزة من على ظهر الأرض!

هل الحرائق والسيول والأمطار والعواصف والرياح والبرق والرعد هي فقط عقوبة للناس؟

إذا كانت الإجابة بنعم فقد عاقبنا الله كثيرًا، فما من بلد عربي أو مسلم إلا وتعرض لنكبات الزلازل والسيول والحرائق، فبأي ذنب كان يعاقبنا مولانا؟

ثم هل نسينا أن أعدل حاكم مسلم، بعد رسول الله، أعني الخليفة الفاروق عمر بن الخطاب قد ذاقت الأمة في عهده كارثة طاعون "عمواس"، وهي بلدة شهيرة بالشام، لقد قضى ذلك الطاعون على جيل كامل من أخيار أمتنا، على رأسهم القائد الفذ أبو عبيدة بن الجراح الملقب بأمين الأمة، ومات بذلك الطاعون الصاحبي الجليل، معاذ بن جبل، فهل كان الله يعاقب سادة أمة الإسلام وخيار المسلمين؟

ثم جاء العام التاسع والستون من هجرة المصطفى وفيه حل بالمسلمين طاعون بالبصرة عرف باسم طاعون" الجارف"، وعنه يقول الإمام الذهبي في تاريخه: "حدثني من أدرك الجارف قال: كان ثلاثة أيام، فمات فيها في كل يوم نحو من سبعين ألفا.

قال خليفة: قال أبو اليقظان: مات لأنس بن مالك في طاعون الجارف ثمانون ولدا، ويقال: سبعون.

وقيل: مات لعبد الرحمن بن أبي بكرة أربعون ولدا، وقل الناس جدا بالبصرة، وعجزوا عن الموتى، حتى كانت الوحوش تدخل البيوت فتصيب منهم.

وماتت أم أمير البصرة، فلم يجدوا من يحملها إلا أربعة.

ومات لصدقة بن عامر المازني في يوم واحد سبعة بنين، فقال: اللهم إني مسلم مسلم، ولما كان يوم الجمعة خطب الخطيب بن عامر، وليس في المسجد إلا سبعة أنفس وامرأة، فقال: ما فعلت الوجوه فقالت المرأة: تحت التراب.

وقد ورد أنه مات في الطاعون عشرون ألف عروس، وأصبح الناس في رابع يوم ولم يبق حيا إلا القليل، فسبحان من بيده الأمر".

هل كان الرحمن الرحيم يعاقب الصحابة وأولادهم؟

نعم الحرب على غزة هي قرار أمريكي، وستقف الحرب متى أمرت أمريكا بإيقافها، نعم الحرب أكلت أطفال غزة بل أكلت أجنتها ودمرت كل شيء، ولكن أي ذنب جناه مواطن أمريكي كان يخرج للتظاهر دعمًا لغزة واستنكارًا للعدوان عليها؟

أعود إلى القاعدة الإلهية التي بها تحل المشاكل، وقد وجدت شرحًا عظيمًا لها كتبه الأستاذ عمر عبد الله المقبل الذي وضع الأمر في نقاط، سأنقلها بنصها:

1 ـ عموم هذه القاعدة فيها مدح لأهل العلم.

2 ـ وأن أعلى أنواعه: العلمُ بكتاب الله المنزل، فإن الله أمر من لا يعلم بالرجوع إليهم في جميع الحوادث.

3 ـ أنها تضمنت تعديل أهل العلم وتزكيتهم، حيث أمر بسؤالهم.

4 ـ أن السائل والجاهل يخرج من التبعة بمجرد السؤال، وفي ضمن هذا: أن الله ائتمنهم على وحيه وتنزيله، وأنهم مأمورون بتزكية أنفسهم، والاتصاف بصفات الكمال.

5 ـ كما أشارت هذه القاعدة إلى أن أفضل أهل الذكر أهلُ هذا القرآن العظيم، فإنهم أهل الذكر على الحقيقة، وأولى من غيرهم بهذا الاسم.

6 ـ الأمرُ بالتعلم، والسؤالُ لأهل العلم، ولم يؤمر بسؤالهم إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه.

7 ـ وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم نهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم، ونهي له أن يتصدى لذلك.

8 ـ وفي هذه القاعدة دليل واضح على أن الاجتهاد لا يجب على جميع الناس؛ لأن الأمر بسؤال العلماء دليل على أن هناك أقواماً فرضهم السؤال لا الاجتهاد، وهذا كما هو دلالة الشرع، فهو منطق العقل ـ أيضاً ـ إذ لا يتصور أحدٌ أن يكون جميع الناس مجتهدين".

فلو سألنا أهل العلم الذين هم أهل المعرفة والاختصاص بكل علم وفن لقالوا لنا لماذا تندلع الحرائق وكيف يمكننا إخمادها والتقليل من خسائرها، أما أن نتفرغ للكلام عن أمور نجهلها لكي نتشفى فهذا عيب لا يليق بأمة مأمورة بالقراءة والتعلم.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق