نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
جنوب لبنان.. عودة محفوفة بالمخاطر وسط معادلات دولية متشابكة, اليوم الاثنين 27 يناير 2025 07:34 صباحاً
شهد جنوب لبنان تطورات درامية مع عودة المهجرين إلى بلداتهم تحت نيران الاحتلال الإسرائيلي وسوء التنسيق المحلي. المشهد يعكس مزيجا معقدا من المصالح المتضاربة، حيث يظهر المدنيون كضحية رئيسية وسط صراع أكبر يمتد بين الأطراف المحلية والإقليمية والدولية.
مع مرور شهرين على انتهاء اتفاق التهدئة، أصر المدنيون على العودة إلى قراهم المحتلة، رغم التحذيرات الدولية من خطورة الأوضاع. إلا أن العودة قوبلت بنيران القوات الإسرائيلية التي قتلت 22 شخصًا، بينهم جندي لبناني، وأصابت أكثر من 130 مدنيًا.
وصف الخبير العسكري خليل الحلو، خلال حديثه للتاسعة على سكاي نيوز عربية، الأحداث بأنها "غير متوقعة"، مشيرًا إلى أن الطرفين - إسرائيل وحزب الله - يتحملان المسؤولية عن تصاعد الموقف.
وقال: "كان يمكن تجنب هذه المجازر من خلال تنظيم العودة بشكل أفضل وتنسيق مشترك بين حزب الله والسلطات المحلية".
غياب التنسيق واستغلال الموقف
غياب العلم اللبناني عن مشهد العائدين واستبداله بأعلام حزب الله أثار تساؤلات حول الغايات السياسية وراء هذه العودة غير المنظمة. يقول الحلو: "المشهد كان مستفزًا، حيث ظهر المدنيون بين نيران جيش إسرائيلي معروف بسجله الدموي، وبين غياب الدولة اللبنانية الفاعلة".
بينما يرى مراقبون أن حزب الله استغل هذه العودة لإبراز دوره كمقاومة مسلحة ولتبرير استمرار سلاحه، يضيف الحلو: "إسرائيل منحت حزب الله الذريعة المثالية للبقاء في الجنوب من خلال استمرار وجودها العسكري".
إسرائيل.. استراتيجية الاحتلال الممتد
إسرائيل، من جهتها، لم تلتزم بالانسحاب ضمن المهلة المحددة في اتفاق وقف إطلاق النار، مبررة ذلك بمخاوف جيوبوليتيكية تتجاوز حدود لبنان. الحلو أوضح أن "الوجود الإسرائيلي في الجنوب مرتبط بأوضاع إقليمية معقدة، خاصةً الوضع في سوريا والمخاوف من البرنامج النووي الإيراني".
وأشار إلى أن التنسيق الإسرائيلي الأميركي يلعب دورًا في تأزيم الوضع، مستشهدًا بتقارير تؤكد حصول إسرائيل على ضوء أخضر من إدارة ترامب للبقاء في الجنوب. وبيّن أن استمرار الاحتلال قد يهدف إلى وضع ضغوط على لبنان وإيران في آنٍ واحد.
الموقف الدولي.. دعم هش وتحذيرات شكلية
من جانبه، حذرت الأمم المتحدة من عودة النازحين قبل انسحاب القوات الإسرائيلية، مؤكدة أن الظروف "غير مهيأة بعد". لكن هذه التحذيرات عكست مرة أخرى هشاشة الدعم الدولي للبنان، الذي غالبًا ما يُستخدم كورقة تفاوض بين القوى الكبرى.
ويقول الحلو: "التجارب السابقة مع الضمانات الدولية أثبتت أنها ظرفية ومرتبطة بالمصالح، مثل اتفاق الطائف وقرار 1559". ويرى أن اللبنانيين بحاجة إلى الاعتماد على أنفسهم في هذه المرحلة، لتجنب الوقوع ضحية لتغير التحالفات الدولية.
الجيش اللبناني.. بين المطرقة والسندان
الرئيس اللبناني جوزيف عون دعا اللبنانيين إلى ضبط النفس والثقة بالجيش في حماية السيادة الوطنية. إلا أن الحلو حذّر من محاولات زج الجيش في صراع مسلح مع إسرائيل دون تخطيط مدروس.
وقال: "الجيش اللبناني قد يجد نفسه في مواجهة معقدة بين دعم المدنيين وإثبات قدرته على حماية الحدود، خاصةً في ظل غياب موقف دولي حازم".
حزب الله.. استراتيجية الغموض
أما حزب الله، فيجد نفسه اليوم في موقف حساس. الحلو أشار إلى أن الحزب يواجه تحديا متزايدا لتبرير استمراره المسلح وسط ضغوط داخلية ودولية متزايدة.
وقال: "حزب الله يسعى لاستغلال الاحتلال الإسرائيلي كذريعة لإبقاء سلاحه، لكن ذلك يزيد من تعقيد الأوضاع ويضع المدنيين في مواقف خطرة".
ما وراء الحدود.. تأثيرات إقليمية ودولية
الوضع في سوريا وعدم الاستقرار الإقليمي يزيدان من تعقيد المشهد. يشير الحلو إلى أن "إسرائيل تنظر إلى لبنان كجزء من معادلة إقليمية أكبر، حيث يمثل حزب الله وإيران تهديدًا دائمًا لأمنها".
وتابع: "أي تصعيد إضافي قد يكون جزءًا من استراتيجية أوسع لإضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
جنوب لبنان بين الأمل والفوضى
الصورة الحالية في جنوب لبنان تعكس تعقيد المشهد السياسي والعسكري، حيث تتداخل المصالح المحلية والإقليمية والدولية في صراع يبدو أنه بعيد عن الحل.
من جهة، يظهر المدنيون كضحايا لصراعات أكبر منهم، ومن جهة أخرى، تستمر الأطراف المتنازعة في استغلال الأوضاع لتعزيز مكاسبها الخاصة.
يبقى السؤال: هل يمكن للبنان أن يجد طريقًا للخروج من هذا النفق المظلم؟ أم أن الجنوب سيظل ساحة لصراع مفتوح بين الاحتلال والمقاومة؟ الإجابة قد تكون رهينة بقدرة اللبنانيين على توحيد جهودهم وحماية سيادتهم في وجه التحديات الكبرى.
0 تعليق