نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مآسي غزة فضحت النظام العالمي.. ماذا يقول القانون الدولي؟, اليوم الأربعاء 22 يناير 2025 09:46 مساءً
وضعت الحرب الصهيونية الهمجية على قطاع غزة أوزارها، وبدأ يتكشف المزيد من حجم الخراب والدمار الذي أحدثه العدو الإسرائيلي في تلك الأرض، ما يطرح تساؤلات كبيرة عن “انعدام إنسانية” هذا العالم أمام هول ما جرى في غزة.
وقد شاهد العالم كله مدى الفظائع التي ارتكبها العدو الإسرائيلي، حيث لم يوفر أي شيء من عدوانه، وارتكب كل ما يستطيع من انتهاكات، فمن جرائم العدوان والإبادة إلى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، فالعدو كما قتل الإنسان، دمّر البنى التحتية وهدّم المنازل والصروح التعليمية والمؤسسات الصحية وانتهك حرمة دور العبادة من مساجد وكنائس، ونكّل بالمرضى والشيوخ والنساء، ولاحق الأطفال إلى الخيم ليحرقهم بأبشع الطرق.
وباستثناء بعض التحركات القانونية والقضائية من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ومحاولات ملاحقة بعض قادة العدو، بالإضافة إلى تظاهرات خرجت في بعض الدول الغربية والعربية لا سيما في بداية العدوان، لم تتحرك الدول والجهات المؤثرة بشكل حقيقي لردع الصهاينة عن التمادي في عدوانهم، واكتفت الدول العربية بلعب دور “الممثل الفاشل” في مسلسل التواطؤ الغربي والدعم الأمريكي للعدو.
ولعل أهم سؤال يطرح هو: هل “ماتت” إنسانية العالم من شعوب ودول ومنظمات دولية وحقوقية أمام الغطرسة الإسرائيلية؟ ولماذا لم تتحرك كل تلك الجهات لمنع سقوط هذا الكم الهائل من القيم والمعايير الإنسانية التي أظهرت مدى النفاق الذي نعيش فيه؟ أين مبادئ القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن؟ وأين الإدارات الغربية التي ترفع “شعارات الحريات البراقة” عن كل ما جرى؟
حول كل ذلك، قال الخبير في القانون الدولي الدكتور حسن جوني “ينبغي أن نميّز بين مواقف الدول، فهناك دول أجنبية أبدت مواقف مؤيدة للشعب الفلسطيني ولقطاع غزة، ومنها فنزويلا وكوبا وكوريا الشمالية والمكسيك وكثير من دول أمريكا اللاتينية والدول الإفريقية”.
وتابع جوني “كذلك، شهدنا مواقف مشرفة من بعض الدول العربية كالجزائر”، وأضاف “أما بالنسبة للدول الأخرى، وخاصة الأوروبية الغربية، فقد تفاوتت مواقفها بشكل ملحوظ، فعلى سبيل المثال، كان موقف إسبانيا وفرنسا مختلفًا عن الموقف الألماني الذي اتسم بالانحياز الصريح للكيان الصهيوني ضد أهل غزة، مما شكّل وصمة عار على هذه الدول الغربية الرأسمالية الكبرى”، وأوضح: “لذلك، لا يجب أن نضع جميع الدول الأجنبية في سلة واحدة ونتبنى موقفًا عامًا تجاهها”، ورأى أن “هذه التناقضات تكشف تعقيدات المشهد العالمي وهي نقاط بالغة الأهمية وتستحق التأمل”.
وأسف جوني في حديث لموقع قناة المنار الإلكتروني أنه “بالنسبة للحكومات العربية، ساد الصمت في مواقف بعضها، وهذا الصمت يُعد خطيرًا للغاية، بل أبشع من ذلك عندما نجد أنظمة تطبّع العلاقات مع الكيان الصهيوني في ظل الإبادة التي ترتكب في غزة”.
وأضاف جوني “على صعيد آخر، شهدنا مواقف جيدة من بعض الحركات والمنظمات الدولية التي أدانت الانتهاكات في غزة”، وتابع “حتى في الأمم المتحدة، لاحظنا مواقف إيجابية في الجمعية العامة وفي هيئات ومنظمات أخرى”.
ونبه الدكتور جوني من أنه “يجب ألا نختزل العالم بالولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي فقط، فالعالم أوسع من ذلك”، وقال: “باختصار، هناك انقسام واضح في مواقف الحكومات تجاه قضية غزة وجرائم الإبادة الجماعية التي طالت الشعب الفلسطيني وتدمير غزة، ويجب أن ننظر إلى هذه المواقف بشكل تفصيلي ومنصف”.
وعن مواقف الشعوب، قال جوني “وقفت الشعوب مع القضية الفلسطينية في مختلف أنحاء العالم، حتى في الدول الأوروبية وداخل الولايات المتحدة الأمريكية، شهدنا شعوبًا حية تحركت بقوة وساندت الشعب الفلسطيني بشكل ملحوظ، مقدمة مواقف غالية الثمن”، ولفت إلى أن “هناك شخصيات مشهورة في العالم، كممثلين، أساتذة جامعات، وأشخاص ذوي شأن كبير في المجتمع الأوروبي والأمريكي، ممن اتخذوا مواقف جبارة لصالح القضية الفلسطينية وأدانوا الكيان الصهيوني”.
وتابع جوني “بالمقابل، وُجدت أيضًا مواقف غير إنسانية من أفراد دعموا الكيان الصهيوني، لكن هؤلاء تعرضوا للرفض والمواجهة من قِبل طلاب الجامعات والمدارس”، وأوضح أن “هذه المعايير الإنسانية كانت رائعة، وقد شهدنا ذلك في تحركات الشباب حول العالم، وهي تحركات لم نشهدها بنفس القوة للأسف في الوطن العربي والعالم الإسلامي”.
وقال الدكتور جوني إن “بعض الحكومات اتخذت مواقف معاكسة لشعوبها، وقفت ضدها وضد تحركاتها الإنسانية”، وتابع “هذا يعكس التحديات التي تواجه الشعوب المناضلة والازدواجية في مواقف الحكومات، ويؤكد أهمية الإشادة بالمواقف الشعبية التي أظهرت تضامنًا مع الشعب الفلسطيني”، وأوضح أن “القرار السياسي لبعض الحكومات والدول يتأثر بمصالحها مع أمريكا وإسرائيل، حيث يلعب اللوبي الصهيوني دورًا أساسيًا بالتأثير على سياسات هذه الدول”.
وعن جدوى القوانين الدولية وتطبيقها، لفت جوني إلى أن “الأزمة هنا ليست في القوانين نفسها، بل في تطبيقها وفي العلاقات الدولية التي تستغل القوانين لمصالحها”، وأشار إلى أن “ميثاق الأمم المتحدة يُعتبر من أعظم ما توصلت إليه الإنسانية في تنظيم العلاقات الدولية، يبدأ الميثاق بعبارة (نحن شعوب العالم)، وليس (نحن حكومات العالم أو نحن دول العالم)”.
واعتبر جوني أن “الأزمة الحقيقية هي أزمة نظام عالمي قائم على استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، واستغلال الدول الكبرى للدول الصغرى”، وتابع “لذا، عندما نسأل عن مكانة القانون الدولي، نجد الإجابة في الصراعات بين الدول التي لا تحترم القانون الدولي”، وأكد “علينا أن ندافع عن القانون الدولي وعن مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وميثاق جامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، والاتحاد الإفريقي، وغيرها من المنظمات الإنسانية”، ولفت إلى أنه “من الضروري إعادة البحث في موضوع الحريات وحقوق الإنسان. لماذا؟ لأن أي حقوق إنسان أو حريات عامة هذه عندما تتناقض مع حقوق الشعوب أو تقف ضدها، فهذه لا تكون حقوق إنسان حقيقية”.
يبقى أن من وقف وصمد ودعم الشعب الفلسطيني هي إنسانية الأحرار حول العالم والمقاومة بدولها وشعوبها وحركاتها وفصائلها، فمع سكوت العالم كله وانبطاحه أمام العدو الإسرائيلي ومن يدعمه، وجدنا أن هؤلاء الأحرار، وفي مقدمتهم محور المقاومة بكل ما فيه، وقفوا رافعين الصوت ضد الظلم وقدموا التضحيات الجسام وخيرة القادة على طريق القدس، ولم يتراجعوا حتى حققت غزة ومقاومتها وأهلها النصر الكبير.
المصدر: موقع المنار
0 تعليق