نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الجيش اللبناني وحزب الله.. توزيع أدوار أم بداية مواجهة؟, اليوم الأربعاء 29 يناير 2025 08:13 مساءً
أثارت مشاهد دخول الجيش اللبناني إلى منشأة عسكرية تابعة لحزب الله في جنوب لبنان جدلا واسعا، وسط تكهنات بشأن طبيعة العلاقة بين الطرفين. فهل يمثل هذا الحدث مجرد توزيع أدوار في إطار توازن القوى القائم، أم أنه مقدمة لصدام محتمل بين الدولة اللبنانية والحزب؟
دور الجيش اللبناني وفق اتفاق التهدئة
الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل شدد على ضرورة نشر الجيش اللبناني في الجنوب لضمان منع أي نشاط عسكري غير شرعي.
وبحسب الاتفاق، يُفترض أن ينتشر الجيش بقوة تصل إلى 10,000 جندي، وأن يقيم 33 موقعًا عسكريًا على طول الحدود، بالإضافة إلى مصادرة الأسلحة غير المرخصة وتفكيك المنشآت غير القانونية.
أشار عضو مجلس النواب اللبناني السابق، العميد وهبي قاطيشا، خلال حديثه لـ"سكاي نيوز عربية" إلى أن دخول الجيش إلى النفق التابع لحزب الله تأخر بسبب عدم الإعلان الرسمي عن وجوده، مؤكدًا أن المنشأة كانت فارغة عند اقتحامها.
واعتبر أن حزب الله لم يتعاون مع الجيش منذ بدء الهدنة، متهمًا إياه بالمراوغة في تنفيذ القرار 1701.
وأكد قاطيشا أن "لو كانت نيات حزب الله إيجابية، لكان قد أبلغ الجيش اللبناني عن المواقع العسكرية المتروكة"، مشددًا على أن الجيش اللبناني يعتمد على تعليمات الحكومة، التي وصفها بأنها "حكومة حزب الله"، مما يعقّد تنفيذ القرار الأممي.
وعن احتمال وقوع مواجهة بين الجيش والحزب، نفى قاطيشا تأييده لفكرة الحرب الداخلية، لكنه شدد على ضرورة أن تفرض الدولة سيادتها الكاملة.
وأشار إلى أن استمرار حزب الله في الاحتفاظ بسلاحه خارج إطار الدولة قد يؤدي إلى مواجهة محتومة.
من جانبه، يرى الباحث في معهد الدراسات المستقبلية عبدالله زغيب أن المشهد الحالي يعكس ثلاث روايات متباينة:
- الرواية الإسرائيلية التي تعتبر أن حزب الله يعمل بمعزل عن الدولة، مما يمنح إسرائيل ذريعة لمواصلة عملياتها العسكرية.
- الرواية اللبنانية الرسمية التي تؤكد التزام الدولة بتنفيذ القرار 1701.
- رواية حزب الله التي تميز بين جنوب الليطاني وشماله، حيث لا يزال يعتبر الشمال منطقة نفوذه الأساسية.
وأكد زغيب أن حزب الله يسعى لتنسيق مع الدولة اللبنانية في بعض الملفات لتفادي الذرائع الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الحزب لا يمثل كل الشعب اللبناني، إذ لا يحظى بدعم الأغلبية. كما حذر من مخاطر التوتر السياسي القائم بين الحزب والجيش اللبناني، معتبرًا أن الجيش اللبناني يفتقر حاليًا إلى الدعم الحكومي اللازم لاتخاذ قرارات استراتيجية حاسمة.
السيناريوهات المستقبلية.. أي طريق سيسلكه لبنان؟
في ضوء التطورات الأخيرة، تبقى الخيارات مفتوحة أمام العلاقة بين الجيش اللبناني وحزب الله، والتي قد تتجه وفق عدة سيناريوهات محتملة:
أولا: استمرار التهدئة مع توزيع أدوار غير معلن
هذا السيناريو يقوم على فكرة أن دخول الجيش إلى المنشآت العسكرية للحزب قد يكون جزءًا من عملية محسوبة لضمان التوازن القائم دون تصعيد. بمعنى آخر، قد يكون هناك تفاهم ضمني بين الطرفين على تقاسم الأدوار، حيث يحافظ الجيش اللبناني على وجوده الرسمي في الجنوب، بينما يحتفظ حزب الله بنفوذه العسكري بشكل غير مباشر.
يؤيد هذا الطرح تصريحات النائب السابق وهبي قاطيشا، الذي يرى أن الحكومة اللبنانية الحالية، التي وصفها بأنها "حكومة حزب الله"، ليست في موقع يسمح لها بالمواجهة، ما يعني أن الجيش اللبناني لن يتخذ خطوات تصعيدية خارج نطاق التفاهمات السياسية.
ثانيا: تصاعد التوتر إلى مواجهة محدودة
إذا قررت الدولة اللبنانية فرض سيطرتها على جميع المنشآت غير الشرعية، فقد يؤدي ذلك إلى احتكاكات بين الجيش وحزب الله، خصوصًا إذا استمر الحزب في الاحتفاظ بسلاحه خارج إطار الدولة.
في هذا السيناريو، قد نشهد حوادث أمنية متفرقة مثل عمليات مصادرة أسلحة، أو مواجهات محدودة في بعض المناطق، دون أن تصل إلى مستوى الحرب الشاملة.
هذا الطرح يتقاطع مع تحليلات الباحث عبدالله زغيب، الذي أشار إلى أن حزب الله يسعى لتنسيق مع الدولة في بعض الملفات لتجنب الذرائع الإسرائيلية، لكن في الوقت ذاته، يرفض التخلي عن بنيته العسكرية، ما قد يخلق نقاط توتر بينه وبين الجيش اللبناني.
ثالثا: مواجهة شاملة بضغط داخلي وخارجي
في حال تصاعد الضغوط الدولية، وخصوصًا من القوى الغربية والدول العربية الداعمة للجيش اللبناني، قد تجد الدولة نفسها مضطرة لاتخاذ موقف أكثر حزمًا تجاه سلاح حزب الله.
إذا استمر الحزب في الاحتفاظ بقدراته العسكرية، فقد يؤدي ذلك إلى مواجهة مفتوحة ليس فقط مع الجيش اللبناني، ولكن أيضًا مع المجتمع الدولي الذي يدعم تعزيز سلطة الدولة اللبنانية.
هذا السيناريو يحمل مخاطر كبرى، إذ أن أي صدام مباشر بين الجيش وحزب الله قد يجر لبنان إلى أزمة سياسية وعسكرية غير مسبوقة. وهنا، يبرز تحذير قاطيشا من أن استمرار الوضع الحالي سينتهي حتمًا بمواجهة، خاصة إذا لم يسلم الحزب سلاحه للدولة.
0 تعليق