نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
نساء في زنجبار يوصلن الطاقة الشمسية إلى منازل القرويين, اليوم الخميس 30 يناير 2025 02:37 صباحاً
في ممر خافت الإضاءة، داخل منزل جدرانه من الطين يرتفع وسط أشجار الكاكاو، أمسكت المرأة الزنجبارية، شريفة حسين، «كبلات كهربائية» مع مفك لاختبار الجهد الكهربائي، وهي واقفة على لفائف من «الكبلات الكهربائية».
وبعد ذلك، وبمساعدة ثلاث نساء أخريات، استطاعت شريفة ربط «كبلين» بجهاز إلكتروني مثبت على الجدار، وكانت النسوة، اللواتي يرتدين جميعهن حجابات ملونة، يُركّبن أجهزة للطاقة الشمسية بقرية «ميوني بي» في جزيرة أونغوجا، التي تُعدّ الجزيرة الرئيسة في أرخبيل زنجبار الذي يتمتع بالحكم الذاتي، ويقع قبالة سواحل تنزانيا في شرق إفريقيا.
وتُعدّ هذه المجموعة من النساء جزءاً من مجموعة كبيرة يُطلق عليها اسم «سولار ماماس»، تعمل على تجميع وتركيب وتصليح وصيانة أنظمة الطاقة الشمسية في شتى أنحاء الأرخبيل، وتتلقى النساء اللاتي يعملن مع المجموعة تدريبات في كلية محلية يُطلق عليها اسم «بيرفوت كوليدج زنجبار»، وهي مؤسسة اجتماعية غير ربحية.
فرص محدودة
ويعاني نحو نصف سكان زنجبار، الذين يصل عددهم إلى مليونَي نسمة، عدم وصول الطاقة الكهربائية إلى منازلهم لسببين أساسيين، الأول ارتفاع كُلفة التمديدات الكهربائية في بعض المناطق، والثاني صعوبة الوصول إلى شبكة الكهرباء الحكومية.
وفي الوقت ذاته، فإن فرص العمل محدودة جداً، خصوصاً في المناطق الريفية، حيث ينخفض مستوى التعليم، لاسيما بالنسبة للنساء، إذ يُنظر إليهن باعتبارهن مسؤولات فقط عن رعاية المنزل وكل متطلباته، لذلك فإنهن يُعانين الضعف والتهميش على نحو خاص.
ويهدف برنامج «بيرفوت كوليدج» إلى تدريب النساء اللواتي ليس لديهن تعليم رسمي، لكي يُصبحن متخصصات في الطاقة الشمسية، ويعملن على الترويج لهذا النوع من الطاقة المتجددة، وتعزيز التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الوقت نفسه.
وباتت مجموعة «سولار ماماس» بمثابة طوق نجاة لتخليص النساء من التهميش، والاعتماد على أنفسهن في كسب مصدر عيشهن، إلا أن هناك شروطاً تضعها المجموعة للانتساب إليها، أبرزها أن يكون عمر المرأة المشاركة أكثر من 35 عاماً، ولديها سمات قيادية، وألّا تكون حاصلة على مستوى متقدم في التعليم.
وقالت مديرة البرامج والعمليات في كلية «بيرفوت» بريندا جيفري: «العديد من الفرص لا تصل إلى النساء، ونريد تغيير عقليتهن، وطريقة تفكيرهن بأنهن ولِدن فقط ليكُن أمهات ويربين الأطفال، إلى معرفة أنهن يمكن أن يُصبحن محترفات».
تمكين السكان والنساء
وتخضع النساء في «بيرفوت كوليدج» لتدريبات تستمر ثلاثة أشهر، حيث يُقِمن طوال فترة التدريب في الكلية، التي تقع في قرية «كينيانسيني» على بعد 60 كيلومتراً إلى الشمال من «ميوني بي»، وبعد انتهاء فترة التدريب تقدم حكومة زنجبار لخريجات الكلية مستلزمات الطاقة الشمسية، كي يَقُمن بتركيبها في المنازل، بما فيها منازلهن الموجودة في قراهن.
ومنذ عام 2015، نجحت 65 امرأة في توصيل الكهرباء إلى 1858 منزلاً بـ29 قرية، بعد إكمال تدريبهن في كلية «بيرفوت»، ما يسهم في تحسين حياة السكان، وتمكين النساء اقتصادياً واجتماعياً.
وقال المدير التنفيذي لمؤسسة التمكين الاقتصادي في زنجبار، جمعة برهان، إن «مجموعة (سولار ماماس) ساعدت على تمكين السكان عن طريق منحهم الطاقة الكهربائية النظيفة، وهي خدمة اجتماعية بالغة الأهمية، كما أن نساء المجموعة حصلن على وظائف ودعم سبل العيش».
فخر
وتخرجت شريفة حسين في كلية «بيرفوت»، أكتوبر الماضي، وقامت منذ ذلك الوقت بتركيب الطاقة الشمسية في ثلاثة منازل، وقالت شريفة (44 عاماً) وهي أمّ لخمسة أطفال: «لقد حققت فوائد كبيرة للغاية من هذا التدريب، حيث ساعد برنامج (بيرفوت) في تفتح ذهني».
وأضافت أنه على الرغم من أنها درست حتى الصف الثاني الثانوي فقط، لكنها تشعر بالفخر لأن سكان قريتها يرونها الآن كشخص محترف.
وأعربت عن أملها في إنشاء متجر بالقرية لبيع أدوات ومستلزمات الطاقة الشمسية، بما فيها التطبيقات الخاصة بالطاقة الشمسية، في المستقبل.
أول مجموعة
وكانت أول مجموعة من النساء في زنجبار، وتتكون من ست نساء، أجرت تدريبات على تركيب الطاقة الشمسية في الهند، فيما أصبحت المجموعة الآن تعمل على تدريب الجيل المقبل من «سولار ماماس» في زنجبار.
وقبل أيام عدة، وخلال فترة ما بعد الظهيرة، جلست ثماني نساء أمام طاولات عمل مغطاة بأجهزة لوحية، وأجهزة قياس «الفولتية»، وأجهزة لحام، وأجهزة أخرى، وكُن يستمعن إلى شرح من إحدى خريجات الدفعة الأولى من الكلية في عام 2011، وهي فاطمة حاجي، التي كانت تعلمهن الترميز اللوني، وقالت حاجي بلغتها السواحلية، ورددت طالباتها في انسجام: «الصفر يرمز إلى اللون الأسود، والواحد يرمز إلى اللون البني، واثنان يرمز إلى اللون الأحمر، وثلاثة إلى اللون البرتقالي».
ومن ثم قامت كازيجا عيسى، وهي من الدفعة الخامسة، بتولي زمام الأمور كي تشرح لهن درساً عن المقاومة الكهربائية وتجميع الدوائر.
فرح
وفي صباح يوم حار، في قرية «ميوني بي»، خلعت عرفة خميس،
من مجموعة «سولار ماماس»، حذاءها وثبتت حجابها، وتسلقت سلماً خشبياً يتكئ على جدار أحد المنازل، وعندما وصلت إلى القمة ناولتها زميلتها زليخة مولد، لوحاً للطاقة الشمسية، لتثبيته على سطح المنزل المكون من الصفيح، وعندما انتهت من العمل، قامت مالكة المنزل، سلامة خميس، باختبار الأضواء بعد توصيل الطاقة إلى منزلها، وكانت علامات الفرح تبدو على وجهها، ومن ثم ابتسمت عندما تراود إلى ذهنها كل التحسينات التي ستجلبها الطاقة الشمسية إلى حياتها، قائلة: «سيكون هناك ضوء كافٍ من أجل أطفالها ليتمكنوا من القيام بواجباتهم المدرسية عند المساء وهم على أتم الراحة، ولن يكون هناك إنفاق مزيد من المال من أجل شراء البطاريات للأضواء التي نستخدمها حالياً، ولن نأخذ هواتفنا المحمولة إلى منازل الجيران حتى نشحن البطاريات من جديد»، مضيفة: «أشعر بأنني سعيدة للغاية، كما أن أطفالي سيستمتعون كثيراً». عن «الغارديان»
إلغاء الحواجز
شريفة حسين تخرجت في كلية «بيرفوت » أكتوبر الماضي. من المصدر
أجرت الباحثتان السويديتان، هيلين أهلبورغ وكافيا مايكل، من جامعة «تشالمرز للتكنولوجيا» في السويد، دراسة حول طريقة عمل مجموعة «سولار ماماس»، وبرنامج التدريب الذي تقدمه «بيرفوت كوليدج»، حيث وجدتا أن البرنامج يعمل على إلغاء الحواجز الاجتماعية من خلال إظهار أن الأشخاص الذين لا يتلقون تعليماً رسمياً يمكن أن يتمتعوا بالقدرة على أن يصبحوا خبراء وقادة مجتمعيين.
نصف سكان زنجبار يعيشون تحت خط الفقر
يُقال إن الكهرباء في أرخبيل زنجبار غير موثوقة، ولا تغطي سوى نصف عدد منازل الأرخبيل، ووفقاً لموقع «ذي إيست أفريكا» للأخبار، تعتمد شبكة الطاقة بأكملها في المنطقة على «كبل» تحت الأرض يربطها بالبر الرئيس، وكان هذا «الكبل» قد تعرّض للتلف في عام 2009، ما نجم عنه ثلاثة أشهر من الظلام.
وتعمل كلية «بيرفوت زنجبار» على معالجة التحديات التي تواجه المجتمعات الريفية الفقيرة في زنجبار، بهدف جعلها مكتفية ذاتياً ومستدامة، حيث أصبحت الكلية حالياً جزءاً لا يتجزأ من حل الطاقة لزنجبار.
وتوفر كلية «بيرفوت» التعليم لأولئك الذين لم تتح لهم هذه الفرصة من قبل، وذلك من خلال تدريس المهارات العملية في مجال الطاقة الشمسية وتربية النحل والخياطة، حيث تقدم المعرفة التي تلهم الحلول المستدامة والعادلة في جميع أنحاء شرق إفريقيا.
ويُطلب من المجتمعات في القرى المشاركة ترشيح امرأتين، تراوح أعمارهما بين 35 عاماً و55 عاماً، لمغادرة أسرتيهما والسفر إلى الكلية للتدريب على تركيب أنظمة الطاقة الشمسية، والمتدربون في البرنامج في الأغلب من النساء الأميات أو شبه الأميات اللاتي يعشن بأقل من 1.2 دولار في اليوم، واللاتي يحافظن على جذور قوية في قراهن الريفية، ويلعبن دوراً رئيساً في تنمية المجتمع، وجلب الكهرباء المستدامة إلى قراهن النائية.
وقالت مدربة الطاقة الشمسية في الكلية، فاطمة حاجي: «عندما تثقف امرأة، فإنك تثقف مجتمعاً بأكمله، وعندما تثقف رجلاً فلن يبقى في القرية، بل سيرحل».
وعلى الرغم من كونها واحدة من أفضل الوجهات السياحية في العالم، فإن إحصاءات الحكومة تُظهر أن نصف السكان زنجبار يعيشون تحت خط الفقر، ولا تتوافر لديهم إمكانية الوصول إلى الكهرباء.
تجنب الدخان الضار
عند حلول الظلام، تجتمع ناتاشا محمود (14 عاماً) مع شقيقها حول شعلة مصباح «البارافين» الخافتة، ويسارعان إلى إنهاء واجباتهما المدرسية قبل أن تطفئه والدتهما لتوفير الوقود.
وكانت ناتاشا لسنوات عدة، التلميذة في مدرسة ديمباني الابتدائية بقرية كيندوا شمال زنجبار، تتوسل إلى والدتها للحصول على مصباح أفضل لتجنب الدخان الضار الذي يضايقها ويسبب لها السعال، لكن أمها كانت تتلكأ في مناقشة الأمر مع زوجها، لكن الآن، وكجزء من مبادرة تهدف إلى توصيل الكهرباء إلى العديد من المناطق غير الموصولة بالشبكة في زنجبار، ستدرس ناتاشا وشقيقها قريباً كل ليلة تحت مصباح يعمل بالطاقة الشمسية، حيث من المقرر تزويد منزلهما بالطاقة الشمسية، وذلك بفضل مجموعة من النساء المدربات للتعامل مع معدات الطاقة الشمسية، اللواتي تمكنَّ من إقناع والد ناتاشا لتزويد المنزل بهذا النوع من الطاقة.
وتقول ناتاشا بابتسامة واسعة: «أتطلع بشدة إلى الوقت الذي أدرس فيه على ضوء أكثر سطوعاً».
. 65 امرأة في زنجبار ينجحن في توصيل الكهرباء إلى 1858 منزلاً بـ29 قرية منذ عام 2015.
. برنامج «بيرفوت» يهدف إلى تدريب النساء اللواتي ليس لديهن تعليم رسمي، لكي يصبحن متخصصات في الطاقة الشمسية.
. «سولار ماماس» أصبحت بمثابة طوق نجاة لتخليص النساء من التهميش والاعتماد على أنفسهن في كسب مصدر عيشهن.
0 تعليق